في ظلّ الأزمات الاقتصادية المتراكمة، والوضع المعيشي المأساوي للمواطنين، ومع غياب الحلول لأزمة الفراغ الرئاسي بسبب المحاصصة الطائفية، يدخل لبنان عصر التنقيب عن النفط، محملًا بآمال إنقاذ الوضع من الانهيار.
وأعلن وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، علي حمية، وصول باخرة التنقيب عن النفط والغاز إلى البلوك رقم 9 لبدء الحفر، وذلك بعد انتهاء عملية المسح البيئي للبلوك من قبل سفينة “جانوس 2″، التي تشغلها “توتال إنرجيز” وشريكتها “إيني” الإيطالية و”قطر للطاقة”.
وكان وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، وليد فياض، قد أعلن في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن “سفينة الحفر للتنقيب عن النفط والغاز ستنهي مهمة الحفر والاستكشاف، بعد نحو 90 يومًا من بدء الأعمال”.
ويقول المراقبون إن الانعكاسات الاقتصادية لاستخراج النفط والغاز ستكون كبيرة على الاقتصاد اللبناني، في غضون السنوات الخمس المقبلة، فيما يحذر آخرون من سرقة هذه الثروات من قبل المنظومة السياسية الحاكمة، بحسب قولهم.
عملية طويلة
من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي اللبناني، عماد عكوش، إنّ “هناك مسيرة طويلة فيما يتعلق بالتنقيب عن الغاز في أعماق البحار، والمنشآت المكلفة، وعملية الاستخراج والمعدات المطلوبة لتجهيز المحطات العائمة، وبناء مخازن وأنابيب لربط البحر بالبر، وهي عملية تحتاج لأكثر من 5 سنوات”.
وبحسب حديثه لـ”سبوتنيك”: “بعد الاستخراج تأتي عملية البحث عن زبائن لهم مصلحة بشراء الغاز اللبناني، وهم من المفترض أنهم موقعين لعقود طويلة الأجل مع دول أخرى، وبالتالي هل ستتخلى عن بعض عقودها لمصلحة التعاقد مع لبنان أم لا، كما نتحدث كذلك – في حال لم يتم إنشاء أنابيب لربط هذه المحطات بالمستهلكين- عن محطات لتسييل الغاز وبيعه مسال، وهو ما يحتاج لوقت طويل”.
وقال إنّ “الأمر الإيجابي هو تلبية الحاجة المحلية بالحد الأدنى، التوفير في الفاتورة النفطية للبنان بما لا يقل عن ملياري دولار أميركي سنويًا”، مؤكدًا أن “أي اكتشاف تجاري سيكون له نتائج إيجابية على الاقتصاد ككل، فهو بالتأكيد سيرفع من مستوى تصنيف الاقتصاد والدولة اللبنانية، ويعيدنا إلى الاسواق العالمية بعد خروجنا منها بسبب التعثر والامتناع عن تسديد السندات الحكومية”.
وأوضح أنه “من المتوقع إذا ما كانت نتائج التنقيب إيجابية، أن يبدأ لبنان في لمس بعض التحسن بالأداء الاقتصادي مع أول اكتشاف تجاري، لكن التحسن بالشكل المطلوب لا يمكن توقعه، قبل 5 سنوات”.
سرقة الثروات
في السياق، اعتبر المحلل اللبناني، أسامة وهبي، أن “لبنان بلد غني قبل أن يكون نفطيًا، والمنظومة الحاكمة التي حكمت البلاد على مدار 3 عقود، نهبت لبنان وحوّلته إلى بلد منكوب، هناك ثروات طبيعية وبشرية وقطاع السياحة والتجارة والزراعة والصناعة، كلها كانت منتجة ولها مردود عالي”.
وبحسب حديثه لـ”سبوتنيك”، فإن “الثروة الكبرى تتمثل في المغتربين، والذين يرسلون مليارات الدولارات سنويًا، وكل هذه الأموال صبت في المصارف، ومن ثم في الدولة اللبنانية، وقطاعات الهدر التي تصل إلى جيوب المسؤولين الفاسدين”.
وتابع: إذا دخلنا عصر النفط وكان هناك كميات تجارية، لن يستفيد الشعب اللبناني من هذه الثروات، بل ستذهب إلى المنظومة الحاكمة، إذا ما استمرت في الحكم، هذه المنظومة هدرت وسرقت ما يقارب الـ300 مليار دولار في حساباتهم خارج لبنان ومستمرة في نفس السياسة.
ويرى وهبي أنه “في حال تم اكتشاف الثروات النفطية والغازية، لن ينعم بها الشعب بوجود هذه المنظومة الفاسدة، سيزداد ثراء الحكام وبؤس الشعب، إلى أن يتم التخلص منها، فلبنان اليوم يعاني من أزمة حكم ونظام وطبقة سياسية عمدت إلى إفقار الناس وتجويعهم وسرقة مدخراتهم”.
وقال إن “هناك توجهًا اليوم بإنشاء صندوق سيادي لوضع كل الأموال التي ستأتي من النفط والغاز، وإدارة الصندوق ستكون محاصصة بين المنظومة الحاكمة الفاسدة، كل زعيم طائفة وحزب سيأخذ حصته من النفط وسيبقى الشعب في حالة عوز وعتمة وجوع والبحث عن لقمة عيش بشكل يومي”، مشيرًا إلى أن “هذه الثروات قد تُسرق من قبل المنظومة إذا ما استمرت في حكمها”.
وكانت شركة “توتال إنرجيز”، مشغل الرقعة الرقم 9، أعلنت في بيان: “وصول منصة الحفر “Transocean Barents” إلى الرقعة على بعد نحو 120 كيلومتراً من بيروت في المياه اللبنانية، إلى جانب وصول أول طائرة هليكوبتر إلى مطار بيروت”.
سبوتنيك