طلب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري أمس من القوى السياسية “إخراج السلطة النقدية من كل تجاذب سياسي”، معتبرا أن “حال المراوحة تؤدي إلى تنامي الإقتصاد النقدي ما يؤثر سلباً على الإقتصاد ويساهم في عزل لبنان دولياً”. فماذا يعني تحديداً عزل لبنان دولياً بفعل تنامي الإقتصاد النقدي؟
في هذا الإطار، شدد الخبير الإقتصادي د. بلال علامة في حديث لموقعنا Leb Economy أن “عزل لبنان يعني إيقاف التعامل مع لبنان من قبل الكثير من دول العالم، اي انه يعني الإختناق والإختناق يعني الموت المحتّم”.
وإعتبر علامة انه “منذ إستلام حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري حاكمية مصرف لبنان وكونه يتبع لأحد الأفرقاء السياسيين الأساسيين في الحكم، دخلت السلطة السياسية في حرج وأضحت تبحث عن مبررات للخطوات التي سيتم اتخاذها لاحقاً كعودة صيرفة بطريقة مقيدة وبحجم قليل، ما يعني عودة السيناريوهات التي كانت قائمة سابقاً والتي كانت دائماً تتخذ من حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة شمّاعة لإلقاء اللوم عليه”.
وإعتبر علامة أن “إستلام منصوري حاكمية المركزي وضع السلطة السياسية في حرج لناحية أدائها، وبالتالي هي تطلب منه إعطاء سيناريوهات تبرير ومؤتمرات شفافية فقط بهدف إخراج من يمثل السلطة السياسية من دائرة الإتهام”.
وقال: “حال المراوحة نتيجة عدم إنتخاب رئيس للجمهورية وعدم تعيين حاكم أساسي أصيل للمصرف المركزي وعدم الدخول في تسوية تطال كل مؤسسات الدولة ستعود بالويلات على لبنان وسيحصل التدهور النقدي عاجلاً أم آجلاً، ولذلك يدعو منصوري لإخراج السياسة النقدية من التجاذبات السياسية، فالسياسة النقدية المتبعة قائمة على الإقتصاد الكاش الذي يعتبر الأكثر ترويجاً للأعمال غير المشروعة من تبييض أموال وتهريب وعمليات تشوبها الشبهات. كل ذلك سيضع لبنان تحت مراقبة ومجهر الدول وقد يؤدي في مكان ما الى إتخاذ الكثير من الدول قراراً بإيقاف التعاطي مع لبنان وبالتالي تجسيد مفهوم عزل لبنان دولياً”.
ولفت علامة إلى أن “تنامي الإقتصاد النقدي يصعّب عمليات المراقبة والمتابعة التي يُطلق عليها إسم “tracking” وفق النظام المالي المعتمد في العالم وهو تتبع التحويلات عبر المصارف وسير العمليات المالية حسب الأصول”.
وأوضح أنه “في الإقتصاد النقدي من الصعب تحديد مصدر الأموال وتحديد كيفية إنفاقها، وبالتالي فهذا الإقتصاد يحمل الكثير من الأعمال التي تصنّف بالمفهوم الدولي ذات شبهة، وهذه العملية بدورها تعرض الإقتصاد الوطني كله ولبنان إلى خطر فقدان الثقة بنظامه المالي وبالإقتصاد القائم على العمليات النقدية بحيث تبدأ الدول تباعاً برفض التعامل مع لبنان”.
ووفقاً لعلامة “من الواضح أن المصارف العاملة في لبنان ومن خلفها المصارف الدولية المراسلة تعاني الأمرّين، حيث بدأت المصارف المراسلة بوضع قيود وشروط شديدة اللهجة على المصارف اللبنانية وكل من يريد التعامل عبر القطاع المصرفي سواء عبر الإستيراد أو التصدير. كما ان الأخطر يكمن في مصادرة الأموال المودعة في الخارج بحجة أن عليها شبهات بحيث تصبح كل الأموال الموجودة في الخارج التابعة للسياسيين وغيرهم من التجار تحت الشبهة. فمنذ بداية الأزمة، فتح كل التجار الذين يعملون في لبنان حسابات مصرفية في الخارج لإيداع كل الأموال الناتجة عن الإستيراد أو التصدير من لبنان فيها إذ أنهم لا يمكنهم إخراج هذه الأموال من لبنان في وقت هم بحاجة لها للحصول على المواد الأولية”.
وشدد علامة على أن “الإقتصاد بهذا الشكل وبهذه التركيبة يشكل خطراً وقد يؤدي إلى إيقاف التعامل مع لبنان من قبل الكثير من دول العالم، فالعزل يعني إختناق والإختناق يعني موت محتّم”.
Leb Economy