يبدو أن صندوق النقد الدولي ضاق ذرعاً بالمسؤولين اللبنانيين وفقد الأمل بعد حوالي سنة ونصف من اقرار الاتفاق المبدئي بين الصندوق والدولة اللبنانية، لم يتم اقرار الإصلاحات المطلوبة لا نعلم ان كان عن قصد أو غير قصد ولا ندري اذا كانوا لا يريدون أو أنهم غير قادرين على تطبيق هذه الاصلاحات .
وقال الصندوق في بيان له يوم الجمعة الماضي إن السلطات اللبنانية لم تطبق الإصلاحات العاجلة المطلوبة، مما سيؤثر على الاقتصاد لأعوام مقبلة، وانتقد غياب الإرادة السياسية في اتخاذ قرارات صعبة، وإن كانت شديدة الأهمية، لبدء الإصلاح.
وبعد اختتام بعثته زيارة للبنان، أوضح الصندوق أن الافتقار للإرادة السياسية في اتخاذ قرارات صعبة يضعف القطاع المصرفي هناك، مشددًا على ضرورة اتخاذ قرارات سياسية شاملة لاحتواء العجز المالي وبدء إعادة هيكلة النظام المصرفي.
وهنا نسأل هل انتهى الاتفاق مع الصندوق او أصبح صعباً أو مستحيلاً؟.
في هذا الإطار رأى الخبير المالي والإقتصادي الدكتور نيقولا شيخاني أن صندوق النقد تعب من لبنان نتيجة عدم إقرار الدولة اللبنانية لأي إصلاح والإصلاح الوحيد الذي أقر تم خرقه وهو قانون تعديل السرية المصرفية .
وقال شيخاني في حديث للديار :الدولة اللبنانية لم تقر قانون الكابيتال كونترول وقانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي ولا خطة نقدية ،ولم يتم توحيد سعر الصرف ولا هيئة ناظمة للكهرباء ولا موازنة تقشفية اصلاحية ولا خطة انعاش إقتصادية .
وقال رداً على سؤال هذه السلطة لا تريد تطبيق الإصلاحات خوفاً من المحاسبة ليس فقط للمسؤولين في الدولة بل للقطاع المصرفي ومصرف لبنان معتبراً أن هذا الأمر خطير جداً.
ورأى شيخاني أن كل الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد مهمة جداً ويجب تطبيقها، لكن هناك أمر خطير يطلبه وهو حذف أموال المودعين لفتح صفحة جديدة ،لأنه لا يريد أن يكون هناك دين على الدولة تجاه مصرف لبنان وذلك كي يستطيع أن يسترد دينه منها .
ووفق شيخاني صندوق النقد يدعم خطة الحكومة للتعافي وهي خطة تصفية لأنها تشطب إلتزامات مصرف لبنان مع المصارف الذين بدورهم سيتعثرون عن رد الأموال للمودعين عن طريق الهيركات ،مؤكداً أنه ليس ضد صندوق النقد بل ضد خطته بالنسبة للودائع.
واذ رأى شيخاني أن الحل لكل أزمات لبنان هو بتطبيق الإصلاحات التي تُدخل الأموال إلى الدولة دون الحاجة إلى صندوق النقد، أكد أن السلطة لا تريد هذه الإصلاحات وفي ظل العجز المستمر في الموازنة ما زال حجم القطاع العام كبير جداً و الرواتب مرتفعة والمصاريف مرتفعة مقابل مدخول منخفض جداً.
وتحدث شيخاني عن ثلاث نقاط مهمة في الموازنة وهي اعفاء الأثرياء من الضرائب الخارجية ،مشيراً ان هذا البند تم إسقاطه.
أما النقطة الثانية يتابع شيخاني فهي أن يُجبروا المودعين على دفع الضرائب باللولار مع هيركات ٤٠٪ معتبراً أن هذا الأمر هرطقة لأنه ممنوع أن يحددوا سعر صرف الدولار، فالدستور يقول الملكية الشخصية محمية حسب المادة ١٥ ، متسائلاً بأي حق الدولة اللبنانية تضع هيركات على الودائع من خلال قانون في الموازنة ،مؤكداً أن هذا الأمر مرفوض.
وتحدث شيخاني عن النقطة الثالثة التي تضمنتها الموازنة في المادة الخامسة والتي تسمح لوزير المالية من خلال توقيعه أن يقر سندات خزينة للدولة اللبنانية دون أن تمر في
مجلس النواب، معتبراً أن تستدين الدولة من خلال توقيع لوزير المالية أمر مستغرب ومستهجن.
ويقول شيخاني بدلاً من زيادة الضرائب يجب تفعيل الجباية لكنهم لا يريدون الدخول في المشاكل مع الاحزاب و المحسوبيات ،لكن في المحصلة يرى شيخاني أن هذا الأمر وكل الأخطاء التي ترتكبها الدولة تحصل على حساب الشعب اللبناني .
وإذ أسف شيخاني لأن هناك انهيارا كاملا وتاما للمؤسسات والإقتصاد وسعر صرف الدولار واحتياطي مصرف لبنان والقطاع المصرفي والثقة في البلد ، رأى أن الحل هو بتغيير كل الطبقة الحاكمة و نتخاب رئيس جمهورية سيادي وشفاف مع رئيس حكومة متجانس معه وحكومة مؤلفة من خبراء و( أوادم) يقومون باعداد خطة انقاذية للبنان، وعندها يُمكن وضع لبنان على السكة الصحيحة خلال ستة أشهر وهذا الأمر يجب أن يترافق مع وضع قانون لاستقلالية القضاء.
وحول مصير خطة التعافي رأى شيخاني أنها لن تمر لأن النواب لن يصوتوا عليها وذلك لإرضاء الناس كي ينتخبوهم مرة ثانية.
الديار