هذا ما ينتظرنا في الشتاء القادم!

جاء في “الراي”:

فيما البحثُ عن «الخيار الثالث» للرئاسة على أشدّه «خلف الستائر» و«تحت الطاولات» وعليها وفي «جيوبِ» موفدين يحاولون اجتراحَ ما عَجِزَ عنه اللبنانيون على امتدادِ أزمةٍ تدخل اليوم الشهرَ الأخير من «السنوية الأولى فراغ»، تتسابق ثلاثة ألغام فوق الصفيح اللبناني الساخن وسط خشية من أن ينفجر أي منها بـ «عوامل طبيعية» ترتبط بديناميات تَفاعُلها مع العناصر المحيطة أو بـ «فِعل فاعل» لنقْل «بلاد الأرز» من استقرارِ «على الحافة» إلى ضفة الفوضى… المنظّمة.

فمن ملف النزوح السوري الذي تتمدّد «فتائله» الموغلة على امتداد الخريطة اللبنانية على وقع موجة نزوح اقتصادي مخيفة وانفلاش مَظاهر أمن ذاتي في أكثر من منطقة وتسجيل تظاهراتٍ رفْضاً لتدفّق النازحين (أعلن أنهم يُقدّرون بأكثر من مليونين و100 ألف) الذين بات عددهم في بعض المحافظات (بعلبك – الهرمل) أكثر من اللبنانيين بما يشي باحتكاكاتٍ وصِدامات تضغط على الواقع الأمني، فإن «القطوع» الذي بدا أن مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا تَجاوَزَهُ لا يعني بأي حال تعطيل صاعق التفجير في ظل المخاوف المستمرة من تجدُّد الاشتباكات (بين حركة «فتح» ومجموعات متشددة) في ضوء عدم معالجةِ جذورها المعلَنة كما عدم انكفاء خلفياتها… الخَفية.

وبين عنوانيْ النازحين وعين الحلوة، يبقى الواقعُ المالي تحت معاينةٍ لصيقةٍ ولا سيما أن الجمودَ الثقيلَ في الميدان النقدي لا يعكس حقيقة الهواجس الكامنة من استعادة مَشاهد الضغوط على العملة الوطنية وتقلّباتها، بفعل الترقبات لتداعيات تقلُّص عرض الدولار في أسواق المبادلات بعد انتهاء الموسم السياحي الصيفي وتدفّقاته التي ساهمت بفعالية مشهودة في «تهدئة» عمليات القطع.

ومن نافل القول، وفق مسؤول مالي تواصلت معه «الراي» أن المناخات الداخلية التي تسير في دروبٍ شائكة وزاخرة بالمطبات والعراقيل، تشي بشتاء قاسٍ على المستوييْن المالي والنقدي معاً. وهي استنتاجاتٌ بدهية في ضوء العجز المتمادي عن إنجاز الاستحقاقات الدستورية التي تشكل مفتاح إعادة انتظام السلطات، كما انحسار التطلعات المعقودة على إسنادٍ مالي دولي الى مستويات صفرية ربطاً بتعثر الملف اللبناني لدى صندوق النقد.

وتعكس الإشاراتُ الماثلة في البُعد المالي جانباً من الترقبات السودوية بعدما ترنّحت مَهمة تشريع الإنفاق والجباية عبر مشروع قانون موازنة 2023 الذي ردّته لجنة المال والموازنة إلى الحكومة مرفقاً بذرائع قانونية وزمنية غير مشكوك بمشروعيتها، بالتوازي مع انتظارٍ ملتبسٍ لمسار تشريع مشروع موازنة 2024 في الموعد الدستوري المفترَض خلال العقد الخريفي لمجلس النواب.

وبمعزل عن القوائم المالية الواردة في مشروعيْ القانونين، فإن عقدة تغطية العجز المقدَّر بنسبة تتجاوز 30 في المئة لموازنة العام الجاري، ونحو 14 في المئة للسنة المقبلة، أضحت، بحسب المسؤول المالي، أشبه بحفرة مالية مضافة إلى فجوة الخسائر المقدَّرة بنحو 73 مليار دولار، فيما تدرك وزارة المال والحكومة أن قنوات التمويل مسدودةٌ بإحكام.