لا تزال أزمة الكهرباء الشغل الشاغل للبنانيين، ولعلها الجامع الوحيد بينهم، لا سيما في ظل الارتفاع الكبير في فاتورة “المولّد الكهربائي” نتيجة ارتفاع سعر صفيحة المازوت وأيضاً توقّف المولدات خلال الفترة الماضية لعدم توفر هذه المادة من جهة، وفاتورة “كهرباء الدولة” التي باتت الى حدّ ما توازي فاتورة المولدات من جهة ثانية. هذا الأمر دفع بالعديد من الأشخاص الى اللجوء الى خيار الطاقة المتجدّدة، ما أعاد تحريك هذا القطاع في الأشهر الماضية بعد الركود الذي شهده مع بداية العام الجاري، فهل ارتفاع نسبة المستفيدين من الطاقة الشمسية يسمح بالاستغناء عن المعامل؟
تراجع في الاستيراداستناداً الى البيانات الصادرة عن المديرية العامة للجمارك اللبنانية خلال الأعوام 2020- 2023 (حتى نهاية الأسبوع الأول من شهر آب)، وصلت قيمة مستلزمات الطاقة الشمسية الى نحو 1 مليار دولار، حيث أن الاستيراد كان خجولاً في العامين 2020-2021 ليصل الى أعلى مستوى في العام 2022، ويبدو أن الاتجاه في العام الحالي هو الى الانخفاض، إذ وصلت السوق الى حدّ الإشباع، لا سيما وأن الشركات المستورِدة لألواح الطاقة بدأت ترفع الصوت مع بدء تكدّس الألواح داخل المستودعات.وفي هذا الاطار، يشير المدير التنفيذي لKAZ advisory group أنطوني زينا الى أن حجم الطاقة الفعلية المركّبة هو 1,564 ميغاواط، أي ما يوازي قدرة 3 معامل كهربائية، لافتاً الى أن ما يجري اليوم يشبه الى حدّ كبير الفترة التي لجأ فيها اللبنانييون الى مولدات الطاقة مع غياب كهرباء الدولة، إلا أنه اليوم، ومع تقدّم التطور التكنولوجي في عالم الطاقة، بات كل شخص قادراً على تأمين حاجته من الطاقة الكهربائية.
وتابع في حديث لـ”لبنان 24″: “وحتى بهذه الطريقة فإن الأمور تجري بشكل مخالف للقانون، لأنه من غير المسموح توزيع الطاقة الكهربائية، لأن هذه المهمة، مع مهمة الإنتاج محصورةٌ بمؤسسة كهرباء لبنان، وبالتالي لا يمكن لأي شخص أن يستفيد من الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة وإنتاج معامل الكهرباء أو “مزارع” طاقة شمسية لأنها تُعتبر خارجة عن القانون”، داعياً الحكومة الى الاتجاه نحو تشريع السماح للشركات أو الأشخاص بالاستثمار في الطاقة الشمسية، لما لهذا الأمر من عائدات على مؤسسة كهرباء لبنان وعلى المواطن، لا سيما غير القادر على تحمّل تكاليف الفاتورة المرتفعة لمؤسسة كهرباء لبنان.
وأضاف: كلفة إنتاج طاقة شمسية لـ5 أمبيرات تصل الى حدود الـ2800$، في حين أن متوسط الناتج المحلي للفرد في لبنان هو 2500$ سنوياً، وبالتالي فإن المواطن العادي لن يكون قادراً على الاعتماد على الطاقة الشمسية الخاصة للحصول على الكهرباء، ومن هنا فإن العمل على السماح للشركات بإنشاء معامل على “الطاقة المتجدّدةً” يتيح للمواطن العادي الحصول على الكهرباء بأقل كلفة ممكنة.
وبناء على كل ما تقدّم، تشير المعطيات الى أن لبنان لم يعد بحاجة الى استيراد الغاز من مصر والكهرباء من الأردن أو حتى إلى بناء معامل جديدة، فالمطلوب فقط تعزيز الجباية وإزالة التعديات وسرقة التيار للحد من الاستهلاك العشوائي، وأن تتمكن مؤسسة كهرباء لبنان من جباية الفواتير بالدولار لشراء الفيول ومستلزمات الصيانة عوض الاعتماد على مصرف لبنان.