لا تزال القوى السياسية تتعامل مع الحراك القطري بإعتباره مقدمة تمهيدية للمبادرة المتوقعة والتي ستمتلك غطاء جدياً من “اللجنة الخماسية”ودفعاً سياسياً حقيقياً من الولايات المتحدة الاميركية، وقبل ذلك، لا شيء جديدا سوى تمرير الوقت وتحسين الشروط التفاوضية لهذا الفريق أو ذلك إستعداداً للتسوية الكبرى، وعليه فإن الحسم لن يكون موضوعاً على الطاولة قبل خروج الفرنسيين نهائياً من واجهة الأحداث لصالح الدوحة ومَنْ يدعمها.
حتى ان الاسماء التي قيل أنها طرحت من قبل المبعوث القطري جاسم بن فهد آل ثاني”أبو فهد”، على القوى السياسية بإعتبارها شخصيات يمكن أن تشكل تقاطعاً بين جميع الأطراف، هي فعلياً أسماء تم تداولها في اللقاءات المختلفة ولم تكن عبارة عن بنود ثابتة تتقدم بها قطر، لذلك حصل اختلاف في عدد الأسماء وظهرت اكثر من لائحة قيل أنها للتفاوض وضعها “ابو فهد” على طاولة الأحزاب الأساسية…
كن، بالرغم من كل هذا التشويش الإعلامي، لا يمكن لأي مطلع على الجو القطري الحقيقي ان ينفي فكرة تأييد الدوحة لوصول قائد الجيش العماد جوزيف عون الى رئاسة الجمهورية، وهذا يعني أن القطريين يسعون الى تمهيد الطريق لعون عبر سلسلة خطوات أهمها الحصول على تنازلات حقيقية و عملية من “قوى الثامن من اذار” او الأصح الذهاب الى مقايضة ما، تضمن دعمهم له في المعركة الرئاسية.
من هنا، تصبح المعلومة الثانية الصحيحة عن الحراك القطري، هي السعي الى إقناع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية بسحب ترشيحه في مقابل سلة متكاملة وتسوية ترافق العهد المقبل، وهذا الأمر سيحول عون الى “المرشح الثالث” بعد سقوط ورقة فرنجية وأزعور معاً، لكن هذا الامر في حال حصل، لن يحظى بتأييد او تغطية رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، وهذا ما قد يؤدي الى تضامن “حزب الله” معه.
يرفض باسيل الذهاب بعيداً في الحوار مع “حزب الله” في ظل شعوره بأن الحراك الدولي سيؤدي الى حرق ورقة رئيس “تيار المردة”، لكنه في الوقت نفسه لن يساهم في إحراق هذه الورقة لكي لا تصبح حظوظ العماد عون هي الاقوى من دون منازع في المعركة الرئاسية، وهذا سيوصل الى إضعاف موقف “التيار” التفاوضي، ليصبح حتى تضامن” حزب الله” معه، في حال حصل، غير ذي جدوى ولا يؤدي الى منع انتخاب قائد الجيش.
وترى مصادر مطلعة ان باسيل يرغب بأن يكون المرشح الأول هو فرنجية والثاني هو جوزيف عون ليصبح البحث عن مرشح ثالث يشطب الاثنين معا، من هنا، لن يذهب باسيل الى المساهمة في شطب أحدهما من دون الآخر، لذلك فإن سحب اسم عون من التداول في الايام الماضية قد يهدف الى حمايته وعدم وضعه ضمن سلة الأسماء التي سيؤدي تداولها الى تبدد حظوظها.
بات ضغط الوقت يؤثر بشكل حقيقي على من يؤيد وصول قائد الجيش الى قصر بعبدا، على اعتبار أن انتهاء حظوظه الرئاسية سيكون مرتبطا بنهاية ولايته في قيادة الجيش، لذلك يجب أن تكون خطوات التمهيد له أكثر سرعة وهذا ما لن يسمح به رئيس “التيار” جبران باسيل، بل سيعمل على عرقلة أي توجه يؤمن توافق لبناني في حال لم يكن على مرشح جديد، حتى لو وجد نفسه الى جانب رئيس “المردة”سليمان فرنجية
المصدر: خاص- “لبنان ٢٤”