سارعت بعض الدول المعنيّة بالملف الرئاسيّ كالولايات المتّحدة الأميركيّة وفرنسا، إلى حثّ اللبنانيين على ضرورة إبعاد بلادهم عن الصراع الدائر حاليّاً في غزة.
ولا تزال منطقة الحدود الجنوبيّة تشهد بشكل متقطّعٍ إشتباكات وإطلاق صواريخ وقذائف باتّجاه الأراضي المحتلّة. ولم تخرج الأمور عن السيطرة بعد، لكنّ، إذا استمرّ إستخدام لبنان كمنصة لتوجيه الرسائل للعدوّ، وخصوصاً من قبل الفصائل الفلسطينيّة، ربما قد يتطوّر الوضع الأمنيّ إلى حربٍ، إنّ استمرّت إسرائيل باستفزاز “حزب الله”، عبر استهداف مواقعه العسكريّة، ما سيُؤثّر حكماً على إستحقاق رئاسة الجمهوريّة.
وفي هذا السيّاق، فإنّ هناك دولتين عربيتين مشاركتين في اللجنة الخماسيّة المعنيّة بلبنان، وهما قطر ومصر، أصبح همّهما الأساسيّ كيفيّة إبرام هدنة ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة “حماس” وإسرائيل.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الدوحة كانت تعمل على مبادرة لحلّ الأزمة الرئاسيّة، وهي الآن مدعومة من الولايات المتّحدة الأميركيّة، تصبّ جهدها كما القاهرة، لإيجاد حلولٍ لإعادة الإستقرار إلى قطاع غزة. ويرى مراقبون في هذا الإطار، أنّ أولويّة قطر باتت غزة، ومنع تمدّد الصراع إلى دول أخرى، فالدوحة لديها علاقات جيّدة مع إيران، وهي قادرة على التواصل مع الجميع. أمّا الولايات المتّحدة الأميركيّة، فهي بطبيعة الحال منحازة لإسرائيل، ولم تكن تُولي أهميّة قصوى للملف الرئاسيّ اللبنانيّ، وأوكلت هذا الأمر لفرنسا، لانشغالها بالنوويّ الإيرانيّ، والحرب الأوكرانيّة – الروسيّة، وبالإنتخابات الرئاسيّة لديها. كذلك، فإنّ هدف واشنطن الحالي هو دعم تل أبيب لتوجيه ضربة قاسيّة لـ”حماس”، والحدّ من قدراتها على شنّ عمليّات عسكريّة، وإطلاق الصواريخ على المستوطنات. أمّا بالنسبة لمصر، العضو في نادي الدول الخمس، فلها دورٌ فاعلٌ في التأثير مباشرة على الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي لطالما لعبت دوراً بارزاً كوسيطٍ بين المتحاربين.
ويقول المراقبون إنّ دور القاهرة رئاسيّاً في لبنان تراجع، وهي تدعم جهود فرنسا في الوقت الراهن، علماً أنّها سعت مراراً لإيجاد نقاط مشتركة بين الأفرقاء اللبنانيين لاختيار رئيسٍ، من دون أنّ تنجح في ذلك. وفي ما يتعلّق بالسعوديّة، فإنّ المملكة اختارت عدم التدخّل مباشرة في الملف الرئاسيّ، وقرّرت ترك الحريّة للبنانيين لانتخاب رئيسهم.
وعما اذا امتدّ الصراع من غزّة ليشمل لبنان وسوريا، يُشير المراقبون إلى أنّ علاقة الرياض بطهران ستسوء مُجدّداً، إذ إنّها ستعتبر أنّ إيران تعمل على زعزعة الإستقرار في البلدان العربيّة، علماً أنّ من أهمّ البنود الواردة في الإتّفاق السعوديّ – الإيرانيّ هو احترام سيادة الدول في المنطقة، وعدم التدخّل في شؤونها، وإبعادها عن سياسة المحاور، وسط تشديد المملكة الدائم على وحدة وسيادة الأراضي اللبنانيّة والسوريّة، ودعم القضيّة الفلسطينيّة. ويُعوّل العديد من المراقبين على التقارب بين السعوديّة وإيران، وإنهاء الحرب في اليمن، كيّ يستفيد لبنان من هذا الإستقرار الدبلوماسيّ، وينعكس إيجاباً على الموضوع الرئاسيّ. بينما إذا ساءت العلاقات من جديد بين الرياض وطهران، فإنّ دور السعوديّة سيتراجع في لبنان، وسينخفض التمثيل الدبلوماسيّ مرّة أخرى بين دول الخليج وبيروت.