خسائر بالميارات… ماذا عن أموال المودعين؟!
بينما تستمر الحرب المحدودة على الحدود الجنوبية تبقى العين اليوم على الوضع الإقتصادي الهش، وتترقّب ما قد تحمله الأيام من تطورات على هذه الجبهة وإحتمال الوصول إلى حرب مفتوحة واسعة وهل سيتحمل لبنان حرباً من هذا النوع؟
يفند الصحافي الإقتصادي خالد أبو شقرا التداعيات إلى 3 أقسام : نقدية ومالية وإقتصادية.
- يتناول أبو شقرا في القسم الأول السياسة النقدية للدولة اللبنانية ففي العام 2006 مثلاً تدخّل مصرف لبنان بحوالي المليار دولار في الأيام الأولى للحرب للجم الطلب على الدولار ، والمحافظة على ثبات سعر الصرف على الـ1500 ليرة، ولكن اليوم مصرف لبنان لم يعد لديه احتياطات من العملة الأجنبية والموجود في المركز عبارة توظيفات الزامية تعود لأموال المودعين، فضلاً عن أن أي تدخّل في السوق اليوم ستكون له نتائج سلبية على سعر الصرف بشكل أساسي.
ويذكّر أنه في الـ2006 وصلت مساعدات إلى لبنان عبارة عن وديعتين واحدة سعودية بقيمة مليار دولار وأخرى كويتية بقيمة 500 مليون دولار ساعدتا على ثبات المصرف المركزي، ولكن كل المتواجد اليوم لا يتجاوز 7,5 مليار دولار وهي توظيفات إلزامية وأي تصرّف بهذه المبالغ لتثبيت سعر الصرف أو لمنع ارتفاعه بشكل كبير يعني القضاء على آمال المودعين باسترداد ولودولار واحد من ودائعهم بحسب ما حدّدت الخطة الإقتصادية والتي حدّدت إعادة 100 ألف دولار لكل مودع واليوم تراجع هذا المبلغ لحدود 50 و70 ألف دولار، وإذا وقعت الحرب هذا يعني أن المودعين لن يحصلوا على أي دولار خصوصاً إذا تدخّل المصرف المركزي.
- أما من الناحية المالية فإن الخسائر المالية في العام 2006 أبان الحرب كانت بحدود الـ1,6 مليار دولار وهي حصلت بشكل أساسي من تراجع الإيرادات بسبب إقفال المؤسسات العامة وتهدّم مؤسسات جراء القصف ومن زيادة النفقات بشكل كبير، واليوم إذا طبّق هذا السيناريو فإن وزارة المالية لا تملك القدرة أن تتدخل بليرة واحدة بالموازنة العامة وأي تراجع في الإيرادات المحققة والتي وصلت إلى 200 و300 مليون دولار نتيجة دولرة الرسوم الجمركية وغيرها.
وهذا الأمر اليوم يقوض فرصة دخول إيرادات إلى خزينة الدولة لتميل نفقاتها وفي ظل إصرار مصرف لبنان عن تمويل الدولة فإن العجز سيكون كبير جداً وستضطر الدولة إلى طلب التمويل أو طباعة الليرة ومع هذا الإجراء لتمويل نفقات الحرب على صعيد الصحة والاستشفاء والغذاء سيصل سعر الصرف إلى معدلات خيالية.
- أما من الناحية الإقتصادية فحدث ولا حرج عن الخسائر، فالخسائر المباشرة في العام 2006 تجاوزت 2,8 مليون دولار بشكل عام والخسائر غير المباشرة التي طالت المؤسسات الإقتصادية وقُدّرت بأكثر من 8 و10 مليار دولار، وهذا السيناريو إذا تكرر اليوم هو يعني أنه لن يعود هناك إقتصاد لبناني لا صناعي ولا زراعي ولا تجاري.
ويشير إلى خسارتين إضافيتين اليوم سيتكبدهما الإقتصاد اللبناني:
- تتمثّل الأولى بوجود ما بين مليار و5 مليار أنظمة طاقة شمسية في المؤسسات والمنازل لأن الحرب ستؤدي إلى تضررها بشكل كبير وهذه الأنظمة لم تكن موجودة في العام 2006 وستحمل اللبنانيين كلفة كبيرة جداً نتيجة استبدالها.
- الخسارة الثانية ناتجة عن وجود مليونين ونصف مليون نازح وما سيمثل ذلك من ضغط على البنى التحتية والاستشفاء والزيادة بالنفقات وبالتالي نتائج الحرب في حال وقوعها ستكون أكبر بكثير من نتائج العام 2006 والإقتصاد اللبناني بطبيعة الحال لن يكون قادرة على تحمل تبعاتها بأي شكل من الأشكال.
ويعطي مثلاً عن العجز الذي سيلحق بالإقتصاد “فمنذ أيام إنهار مبنى في المنصورية بقيت طواقم الإنقاذ أياماً عديدة لانتشال الضحايا من تحت الانقاض لأن الدفاع المدني اليوم يعمل بحوالي الـ20 % من طاقته وبالتالي 80% من طاقته خارج الخدمة”، كما يشير إلى إنهيار حائط الدعم في نفق شكا منذ 3 سنوات ولم يتم إعماره لعدم قدرة وزارة الأشغال على ذلك فكيف الحال إذا دمّرت الجسور والطرقات؟.
ويذكّر بأنه من غير الوارد اليوم وصول مساعدات على شكل هبات لإصلاح الأضرار كما حصل في الـ2006 أولاً لعدم وجود دولة وعدم ثقة المجتمع الدولي بحكومة تصريف الأعمال وكيفية صرفها للأموال إضافة لإنشغال العالم بحالة التضخّم غير المسبوقة وحرب أوكرانياً والمساعدات إلى غزة.