ما مصير التعليم وتلامذة الحدود؟

بينما تركت التربية الخيار لمديري المدارس في المناطق القريبة أو المحاذية للقرى الحدودية لتقدير الوضع لناحية الإقفال من عدمه، يتبين أن هذه المدارس لا تزال مفتوحة وبعضها أقفل لأيام قليلة بفعل التطورات الأمنية، لكن التلامذة والأساتذة عادوا إلى مدارسهم مثل بلدة الخيام، فيما إستمر التدريس في مدارس حاصبيا ومحيطها وأيضاً في القرى الخلفية الممتدة من صور وبنت جبيل وصولاً إلى مرجعيون.
وتشير بيانات التربية وأيضاً مصادر في المناطق التربوية إلى أن عدد التلامذة الذين نزحوا نتيجة الأوضاع الأمنية وبعد إقفال مدارسهم يبلغ نحو 2200 تلميذ التحق أكثر من 700 منهم بمدارس بين صور وصيدا والنبطية، وآخرون إنتقلوا إلى بيروت مع أهاليهم. مع الإشارة إلى أن أكبر مدرسة مقفلة هي “شبعا الابتدائية الرسمية” التي يبلغ عدد تلامذتها 400، تليها مدرسة شهداء عيناتا الرسمية 341 تلميذاً وعيتا الشعب المتوسطة 310 تلامذة، ثم مدرسة الناقورة الرسمية ،167 ومدرسة طير حرفا المتوسطة 164.

وتنفي الشائعات عن أن عدد المدارس المقفلة تخطى الخمسين، مشددة على أن العدد الفعلي هو 18 مدرسة وثانوية وقد يرتفع أحياناً مع المدارس في القرى القريبة إلى 30.
وفي المعلومات إن عدداً من أساتذة المدارس الحدودية المقفلة التحقوا بمدارس في منطقة صور والنبطية، علماً بأن العدد الفعلي للأساتذة النازحين لم يُحصر بعد إلى حين تحديد بدلات الإنتاجية التي ستُدفع لهم. وتكمن الإشكالية في هذا الملف في أن المديرين هم الذين يتولون رفع اللوائح عن نسبة الحضور إلى المدرسة وهو أمر غير متاح بسبب الإقفال، لذا اتخذت التربية قراراً بمنح كل أستاذ 100 دولار من 300 دولار كتعويض إنتاجية تدفع للأستاذ بحضور 4 أيام تعليم في الأسبوع. ومع التحاق عدد من الاساتذة، فإنهم يقبضون الإنتاجية كاملة مع رواتبهم السبعة، وهو أمر يعيده مصدر في التربية إلى المساهمة في تسيير أمور المعلمين النازحين، باعتبار أن النص القانوني يمنع دفع الإنتاجية كاملة إلا بالحضور. وإن لم يكن من ذنب للأساتذة أو يتحملون مسؤولية في إقفال مدارسهم بسبب الحوادث الأمنية، إلا أن في إمكانهم الالتحاق بمدارس عاملة مع تلامذتهم وتنفيذ الدوامات المطلوبة.
محنة إقفال المدارس في مناطق الشريط تطال الأساتذة والتلامذة، وهو وضع استثنائي لا يمكن فصله عن الوضع العام في البلد. ومن الآن حتى جلاء صورة الوضع يبدو أن وزارة التربية اتخذت قراراً بعدم التعطيل لإنجاز أكبر نسبة من الدروس، قبل أن تتدحرج الأوضاع الأمنية وتتفلت الأمور، ولذا جرت معالجة لوضع المدارس التي تحولت إلى أماكن إيواء في صور، فيما لا يزال هناك مدارس ومعاهد تؤوي نازحين، ويجري البحث في إلحاقهم بمدارس مقفلة. فإذا حدثت موجة نزوح ثانية فسيكون القطاع التربوي أول المتضررين مع إغلاق المدارس وتحولها إلى أماكن إيواء.

والواقع أن الحاق التلامذة والأساتذة النازحين بمدارس بديلة هو للتعويض كجزء من خطة الاستجابة لاستمرارية الدراسة وعدم التعطيل تحسباً لتطورات محتملة. وتأخذ التربية في الاعتبار إمكان تعميم التعليم عن بعد أو التعليم المدمج في مناطق معينة إذا توسعت دائرة المعارك في الجنوب، أما إذا حصلت حرب كبرى فلا يعود التعليم معها ممكناً، ولا خيارات ولا خطط طوارئ فاعلة، إلا بعد انتهاء الحرب ومواجهة تداعياتها.

Exit mobile version