فوضى في الجمارك!

لا يكاد يمر يوم إلا و يتردد على مسامعنا سؤال من السلطة السياسية: أين واردات الجمارك؟ ليسمع هؤلاء الاجابة نفسها: نقص في العديد والعتاد!
من يبحث في أدراج الجمارك سوف يجد ان القضية ليست عديداً و لا عتاداً، بل هي نيّات حسنة يفتقد اليها العديد، و بعض آخر لا يريد استثمار العتاد.

أصدر رئيس الجمهورية في العام ٢٠٢٠ مرسوم ترفيع ١٠٤ موظفين في الجمارك الى رتبة مراقب، على أمل أن يُسدّ النقص الحاصل في عديد هذه الرتبة التي من صميم مهامها مراقبة دخول وخروج البضائع عبر الحدود والكشف عليها، ناهيك عن الدور الأهم لها على صعيد الرقابة اللاحقة على الشركات والمؤسسات والتي من شأنها تحسين الجباية لأضعافٍ مضاعفة.

بعد مرور ثلاث سنوات، ومن دون أن ندخل في النيّات، تبيّن لنا أن ادارة الجمارك لم تقم بتكليف هؤلاء الموظفين المرفّعين بمهام المراقبة والكشف والتدقيق، والتي جرى ترفيعهم لأجلها، في حين تعاني المراكز الحدودية البرية من نقصٍ في عدد المراقبين الكشافين بنسبة ٩٥℅ (يوجد حاليّاً كشّاف واحد في معبر المصنع وكشّاف واحد لمعبرَي العريضة و العبودية). أما عن النقص في المرافئ الاخرى والمطار فحدّث ولا حرج.

ويشير قانونيّون إلى أنّه اذا كان للقضية المطروحة أثرٌ سلبي غير مباشر على خزينة الدولة نتيجة عدم تفعيل الجباية، فإن لها أثراً مباشراً يتمثل بهدر المال العام نتيجة قيام موظفين، ولمدة ثلاث سنوات، بتقاضي راتب وظيفة مراقب في الجمارك من دون القيام بمهامهم، خلافاً لاحكام المادة ١٦ من قانون الموظفين ١١٢/٩٥.

في سياقٍ آخر، علمت “mtv” أن وزير الاشغال علي حمية، وبعد مثابرة لأشهرٍ عدّة، نجح في تأمين هبة لإدارة الجمارك من شركة “cma cgm” وقدرها ٨٠ ألف دولار من أجل صيانة المركز الآلي الجمركي.
ويتردد في أروقة الجمارك أن مدير عام الجمارك ريمون خوري حصل على وعدٍ من حمية للسعي لدى الشركة من أجل الحصول على هبة ثانية لإدارة الجمارك قدرها مليون دولاراً، مخصّصة لصيانة هذا المركز الآلي الجمركي.

وتفيد المصادر أنّ المركز الآلي استهلك حتى يومنا مئات آلاف الدولارات، من دون احراز أي تقدّم في عمله، إذ لا يمرّ شهرٌ إلا ويتوقف إخراج البضاعة من المرافئ اللبنانية لأيامٍ عدّة بسبب الاعطال المستمرة التي تطرأ على نظام نجم.

وفي ظلّ هذا الواقع، لا يسعنا سوى أن نخاطب وزير الأشغال بلسان المواطن الذي يتمنّى على الوزير توفير هذه الهبات والتبرّعات لإنجاز الاعمال المتعلّقة بصيانة الطرقات وشبكات الصرف الصحي عوضاً عن غرق المواطن المسكين عند تساقط الأمطار، وكأنّ لا يكفيه ما هو فيه من غرقٍ في المستنقعات والأزمات والديون.