مناقصات “الطاقة”…ما جديدها؟

لم يعد التهديد بالعتمة الشاملة أو الجزئية يخيف اللبنانيين ولا المسؤولين، بعدما تجاوزت الشبهات والإلتباسات، الحدود المقبولة والواضحة خصوصاً في ظل الإنهيار المتسارع الذي تواجهه المؤسسات الرسمية التي يتمّ تفريغها من أي رقابة أو مساءلة أو حتى محاسبة، وليس ما حصل في جلسة الحكومة بالأمس إلاّ جزءاً من “مسرحية باتت مملة” بعدما تكررت على مدى السنوات الماضية في وزارة الطاقة، وفق ما يكشف مدير عام الإستثمار السابق في وزارة الطاقة غسان بيضون، والذي يتحدث عن أن التهديد بوقف سير المرفق العام، ليس إلاّ “عنواناً للتغطية على الفساد المستشري في قطاع الطاقة”.

ويؤكد بيضون، أن الفساد لم يعد “محلياً”، بل انتقل من وزارة الطاقة إلى “سوناتراك” ثم إلى اتفاقية الفيول العراقي، مشيراً إلى أن تغطية هذا الفساد تكون عبر تقصير مهلة مناقصة شراء الفيول، وذلك لسبب بسيط وهو أن تقصير المهلة لا يعطي المهلة الكافية للشركات الجدية للمشاركة في المناقصات، على أن تحدد المهلة بـ 15 يوماً وتتقدم إليها فقط الشركة التي “وشوشها” الوزير مسبقاً.

ويلفت بيضون إلى أنه “من أجل استكمال الإستعراض، تتقدم شركة أخرى ومن قبل الشركة الأولى ذاتها ومن دون أن تكون لديها المستندات الكافية المطلوبة، ولكن يصبح هناك عرضان بدلاً من عرضٍ وحيد، على أن يتمّ بعدها تمديد مهلة المناقصة لخمسة أيام إضافية”.

ويطرح بيضون سؤالاً حول “السر الذي يجعل من شركة واحدة فقط هي الفائزة على الدوام في كل مناقصات وزارة الطاقة، وتدفع نحو وصول باخرة الفيول من دون أن تكون قد فُتحت الإعتمادات، فتبدأ بتسجيل الغرامات، ومن دون أن يكون واضحاً من هي الجهة التي ستدفع الغرامات وهل هي وزارة المال أم مصرف لبنان أو المديرية العامة للطاقة”.

ووفق بيضون فإن ما يحصل ويتكرر على مدى السنوات ليس أكثر من “مسرحية مملّة”، يشاهدها اللبنانيون وهي تبدأ بالتهديد بالعتمة ثم بمناقصات مشبوهة وغموض في العمل، مشيراً وعلى سبيل المثال بـ “الشبهات التي تحيط بأعضاء لجنة المناقصة وبينهم من كان موقوفاً بقضية الفيول المغشوش وخرجوا من السجن من دون معرفة الأحكام التي صدرت بحقهم، وهم يعملون اليوم تحت سلطة وزير الطاقة مباشرةً”.

وإزاء رفض مصرف لبنان منح سلف خزينة لاستيراد الفيول، يشير بيضون إلى أنهم “باتوا يحصلون على التمويل أو السلفة بطريقة مغايرة، وذلك عبر الفيول العراقي الذي يتراكم ثمنه وبات ديناً على خزينة الدولة”.

ويشدد بيضون على أن المطلوب هو دمج منشآت النفط بالمديرية العامة للنفط بحسب المرسوم الاشتراعي رقم 79 الصادر في العام 1977 والذي نصّ على دمجها بوزارة الطاقة والمياه، متسائلاً: “لماذا لا تقوم مؤسسة كهرباء لبنان بالمناقصة بدلاً من وزارة الطاقة وذلك بعدما زادت التعرفة وباتت تمتلك الأموال اللازمة للقيام بذلك خصوصاً وأنها الجهة الشارية؟”.

ويخلص بيضون إلى طرح علامات استفهام حول دور الوزير في إجراء المناقصات في مكتبه، مشيراً إلى ورود عبارة مُستغربة في محضر المناقصات وهي أن “لجنة المناقصات قد أودعت الملفات والمحاضر في مكانٍ آمن في مكتب الوزير”.