جنبلاط: “أخاف على لبنان!
أعرب رئيس الحزب “التقدّمي الإشتراكي” وليد جنبلاط عن اعتقاده أن ما حصل منذ 7 تشرين الأول في فلسطين المحتلة “هي جولة، ولم تتوقف الحرب ولن تتوقف”، وقال: “أستغرب كيف يصفون في بعض الصحف العربية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مأزق، آخر همي إذا ما كان في مأزق، فالبديل سيكون أكثر تطرفاً. ولا أعلم ما إذا كانوا قد سمحوا للصحافة العالمية في الدخول إلى غزّة والتصوير، ولكن من بعض الصور، واضح أن نصف غزة مدمّر، وهل يستطيع أكثر من مليون شخص العودة إلى شمال غزّة؟ لا، هل يستطيعون البقاء في جنوب غزة؟ كيف سيبقون؟”.
وصرّح جنبلاط: “يُبشرنا رئيس أركان الجيش الاسرائيلي أن الحرب ستستمر على خان يونس في المنطقة الجنوبية، ما يعني أن أهالي شمال غزّة سيذهبون ضحية، إلى أين سيذهبون؟ لا زلنا في الجولة الأولى مع الأسف”. وأضاف، “لم يصدر عن أي مسؤول أميركي موقف لوقف إطلاق النار، فهو الذي يُجمّد القرار بالأمم المتحدة بأن يكون ثمة وقف إطلاق النار ثم الدخول بالحل السياسي إذا كان ذلك متوفراً. ولا أرى أي حل سياسي ولا أرى حتى إمكانية قيام دولتين”.
وتابع، “في أوروبا، ثمة بلجيكا وإسبانيا اللتين قالتا كلامًا جميلاً، لكن الباقي كألمانيا ترفض أي بحث، وفرنسا، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تكلم أخيراً بوقف إطلاق نار إنساني، لكن هذا ليس كافياً، الغرب وفرنسا منصاعون للناتو ولأميركا، ولا يقدموا أو يأخروا في الحل”. واستكمل جنبلاط، “برأيي دائماً بعض القادة العرب يأتون 20-30 سنة متأخرين. لقد كان ممكناً حل الدولتين، ثم قُتل رابين ودُفن موضوع أي حل سياسي مرتبط بالدولتين. كانت أوسلو والتفاوض من أجل التفاوض والمستعمرات تزيد، اليوم ثمة 800 ألف مستوطن في الضفة الغربية عدا القدس، فمَن هي القوة العربية أو غير العربية التي ستسحب 800 ألف مستوطن من الضفة لتحقيق إمكانية قيام ما قبلنا به بدولة فلسطينية قابلة للحياة. أنا أرى جولة ثم جولات وقد تصل إلى ترانسفير تدريجي”.
واستطرد، “لا أرى سلاماً. أنا من مدرسة كمال جنبلاط، وقد قبلنا بحل الدولتين، قبلنا في القرار 242 عام 1967، وفي هذا القرار ثمة انسحاب من الأراضي أو أراضي، هذا أمر مشكول، وهناك موضوع اللاجئين المتروك لتفسير الأمم المتحدة، فموضوع اللاجئين بالقرار 148 المرتبط بإنشاء إسرائيل، والذي قال “يحق لهم أن يعودوا أو يُعوّض عليهم”، الأمر مفتوح، لذا لا أرى أي مجال للسلم مع الأسف، ثم ان السلم يحتاج توازن. أين هم العرب؟ أين هي الدول الكبرى كالاتحاد السوفياتي والروس اليوم؟ الروس لديهم حربهم، وبايدن يستفيد على كل الجهات، أخضَعَ أوروبا لسيطرة الناتو”.
وذكّر جنبلاط، أنه “بعد مجزرة صبرا وشاتيلا في لبنان، كان ثمة حركة إسمها حركة السلام، وهي سارت في تظاهرة ضد سياسة إسرائيل وغزو لبنان وضد مجزرة صبرا وشاتيلا، فيما في العالم العربي لم تخرج أي تظاهرة، هذه التظاهرة أسقطت شارون، واستُبدل شارون يومها، ثم كانت حركة المقاومة اللبنانية والمقاومات الوطنيات المتعددة، تدريجيا قاموا بعمليات ضد الوجود الإسرائيلي من بيروت إلى الجنوب، فانسحب الإسرائيلي”. وأردف، “لست أدري اليوم إن كان هناك حركة سلام مثلما كانت موجودة، ولا أعتقد ربما هناك مَيل لتطيير نتنياهو بسبب فساده، ولكن من هو البديل؟ وبنفس الوقت هل اليمين يستطيع أن يتحمل السلام؟ لذلك يقولون أن الحرب مستمرة بعد اطلاق سراح الأسرى”.
وردّاً على سؤال حول قراءة الصحافة الاسرائيلية والهجوم على نتنياهو وغالانت وأداء الجيش الإسرائيلي، وإن كان هذا الشيء سيغيّر السياسات الداخلية الاسرائيلية باتجاه معاكس للحرب، أجاب جنبلاط: “لست مواكباً عن كثب للداخل الاسرائيلي، إلا أحياناً بعض المقالات، ومن الممكن أن يُبنى على إمكانية أن تخرج أصوات ضد المُتطرفين اليهود الاسرائيليين لصالح الاحتلال، لكن يجب قطفها والبناء عليها. ولكن لا أعلم كيف، لا يمكنني ان أجاوب جوابا ناقصاً”. وعمّا اذا تفاجأ بـ7 تشرين الأول، قال: “تفاجأت لأن 7 تشرين أصبحت بذاكرتي، لأنني عشت 6 تشرين منذ خمسين عاماً، عندما الجيش العربي (المصري والسوري) اجتاز الحدود، وكان هناك أحد كبار الشخصيات أشرف مروان، صهره لجمال عبد الناصر، الذي أعطى توقيت الهجوم المصري بفرق ساعة او ساعتين لغولدا مائير، ولكن لم يصدقوه، وكان في وقتها عبور القناة إنجاز عسكري ضخم، وكذلك الجيش السوري وصل على بحيرة طبريا، لكن في السياسة تمّ اجهاض هذا النصر”، مشيراً إلى أن “غزة اليوم هي معسكر اعتقال كبير مراقب من كل الجهات، فيما من الداخل استطاعت حماس أن تقوم بهذه العملية وهذا انجاز”.
وتابع جنبلاط، “لم اتفاجأ بالرد الاسرائيلي لأنني عشت في عام 1982 مع أهل بيروت الاجرام الاسرائيلي والتدمير والقصف على بيروت”، معتبراً أن “الوسيلة الوحيدة لدى اسرائيل هي قتل الابرياء والاجرام، لكن الانسان اللبناني آنذاك والفلسطيني كانا أقوى”.
ولفت، إلى أن “حركة حماس ذات عقيدة اخوان مسلمين، لكنني أعتبرها ثورة فلسطينية قبل أن تكون إخوان، فيما العرب يرونها كإخوان مسلمين، ومعظم الأنظمة العربية كأنهم باعتكافهم أو بعدم إعلاء النبرة يرون كأن حماس إخوان مسلمين لذلك يجب أن يقضوا عليها، لكن هذه فلسطين بالأول، الغرب اخترع ما يُسمى بالإدارة. أبو عمار كان قد بدأ بالإدارة في غزّة وثم توجه إلى رام الله، بعد الانتفاضة الثانية بعدما توجه شارون إلى المسجد الأقصى، حاصروا أبو عمّار ثم سمموه وقتلوه”.
وأضاف، “ثم أتى أبو مازن، ولا عتب عليه، ولكن أعتقد أنه لا يؤمن بالكفاح المسلح، ولم تحدث بتاريخ الشعوب أن يكون ثمة احتلال دون كفاح مسلح، اذ حينما تسلّم الجنرال بيتان في فرنسا بعد الهزيمة من الألمان توجه ديغول إلى بريطانيا، وكان ثمة قسم كبير من الشعب الفرنسي مع الألمان، وقام الالمان حينها بنظرية، وهي القتال ضد الشيوعيين، ولكن بعد انكسار الجيوش الألمانية بعد ستالينغراد، أصبح ديغول رمزاً، وقام بإنشاء المقاومة الفرنسية وكان فيها الشيوعيون والديغوليون. نحن لم نتعلم من الغير، اكتفينا بطلب المستحيل، وطلبنا من أبو مازن القيام بحوار من أجل الحوار والمستوطنات تكبر، ووصلنا إلى مأزق، في رام الله كان ثمة نصب لأبو عمار، جرفه الإسرائيليون”.
وسأل جنبلاط: “هل تقدم أحد من العرب بمساعدة مالية؟ تقدموا بمساعدات مالية لكن هل تقدموا بمساعدات عسكرية لحماس؟ توجهت حماس إلى إيران لأن العرب تركوها، والعرب فكروا أن ببعض المال يسكتون طموحاتهم بالتحرير، لكن سكان غزّة منذ 48 نصفهم مهجّر من فلسطين، توجهوا إلى غزة ولبنان وسوريا وثم الأردن”. وأوضح، “مفهوم الكيبوتس، قالت لي إحدى سفراء الدول الكبرى إنها خدمت في الكيبوتس، فقلت لها إن الكيبوتس موقع عسكري، أنتم تحاصرون غزّة وسميته معكسر اعتقال، وهو ما لا يُمكن ذكره في فرنسا، ثمة مليونا شخص في معسكر الاعتقال، وفي 7 أكتوبر كان الإسرائيليون يقيمون حفلة وتبين أن قسما من القتلى قصفهم الإسرائيلي، وكان ثمة كذبة ثانية عن مقتل 40 طفل بقطع الرأس، وهذه كذبة كبيرة من قبل الـ سي إن إن”.
واعتبر جنبلاط، أنه “لو كان العرب مؤمنين بموضوع الكفاح المسلح لم نكن لنصل إلى دخول الإيراني، فأتى الإيراني ونصّب نفسه زعيم الفلسطينيين واللبنانيين والغير، لكنه دخل بسبب الفراغ العربي”. وشدّد، على “وجوب الأخذ بعين الاعتبار أن على العرب فرض شروطهم السياسية والعسكرية للحل، إذا كان ثمّة حل، ما حصل عمل بطولي وهذه مواجهة بطولية، لكن لن نرى انهيار الكيان الإسرائيلي في السنوات المقبلة، أرى الأمر بعيد قليلاً، وأتذكر حملات الصليبيين، اخذ الأمر 250 سنة. لا أرى الكيان ينهار، وأخاف من الجولات المقبلة، وأخاف على لبنان لأن هذه المرة ليس ثمة قوة ديغولية تحمي لبنان. في الماضي كان جاك شيراك، الملك عبدالله، حسنى مبارك، حددوا الأهداف آنذاك، ولم يتم ضرب المنشآت الحيوية والمطار، لكن اليوم بكلامهم (الإسرائيليين)، ثمة حرب همجية وتكسير لبنان بأكمله”.