اخبار محلية

“الخماسيّة” بقوّة “ثلاثيّة”: رئيس مطلع العام المقبل

في نهاية هذا العام شهد لبنان حركة دبلوماسية سياسية وأمنيّة، منها ما كان علنياً ومنها ما كان بعيداً عن الأضواء. حركة مركّزة لم تكن خافية على المعنيين بالشأن العام هدفت إلى تحضير أرضية لبنان وتأمين مظلّة سياسية أمنيّة تحت عناوين محدّدة:

  • التمديد لقائد الجيش.
  • استقرار الجبهة الجنوبية باعتماد قواعد الاشتباك بين الحزب واسرائيل.
  • وانتخاب رئيس يمثّل “الخيار الثالث”، بمعنى أن لا يكون محسوباً على الثنائي ولا ضدّ الثنائي، وتحديداً الحزب، الذي سيكون المفاوض الأول في حراك رئاسي سيبدأ مطلع العام المقبل يهدف إلى انتخاب رئيس للجمهورية في الأشهر الأولى من عام 2024.

فرنسا تتقدّم على قطر في الخماسيّة

بعد فشل فرنسا في إيجاد حلّ رئاسي وسقوط طرحها الذي قام على التسويق لرئاسة سليمان فرنجية، وبعد الهجوم الذي شنّته القوى السياسية المسيحية تحديداً على الدور الفرنسي بما في ذلك “الجفاء” الذي حكم علاقة سفارتها بالصرح البطريركي، تقدّم الدور القطري لمصلحة “الخيار الثالث”، فشكّلت جولات الموفدين القطريين إلى لبنان محطة جدّية للبحث عن رئيس “توافقي” للبنان.

في ذلك الوقت، وبحسب مصادر مقرّبة من “اللجنة الخماسية” المعنية بلبنان، التي تولّت المهمّة اللبنانية الصعبة، كانت الدوحة تحمل “الحلّ الرئاسي أوّلاً”، أوّلاً لأنّ طرح فرنسا السابق لم يكن متوافقاً مع توجّه المملكة العربية السعودية ولا الولايات المتحدة الأميركية، وثانياً انطلاقاً من أنّ الدوحة تستطيع أن تكون وسيطاً بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.

اليوم تغيّر الوضع. في معلومات “أساس” أنّ طرح الدوحة الأخير اسم اللواء الياس البيسري لرئاسة الجمهورية لم يكن منسّقاً مع اللجنة الخماسية. بل كان طرحاً أحادياً حاولت من خلاله قطر أن تحدث خرقاً في المشهد الرئاسي اللبناني لمصلحتها.

بناءً عليه، يقول مصدر دبلوماسي تعليقاً على المسار الرئاسي في مطلع العام المقبل، إنّ ثلاثية “أميركا، السعودية، فرنسا” قد تكون أكثر تعبيراً من “الخماسية” (التي يضاف إليها مصر وقطر)، على مستوى القرار الدولي في لبنان، علماً بأنّ مصر تحافظ على موقعها ودعمها، لكنّها كانت دائماً عضواً مستمعاً في اللجنة الخماسية، ولا يتدخل مندوبها في الجدال إلا عند الضرورة القصوى.

أمّا قطر فقد يعود موفدها إلى بيروت بفعل وجودها الدائم في المشهد السياسي اللبناني ودعمها الثابت والمستمر لمؤسسة الجيش اللبناني، وعلاقاتها الممتازة مع القوى السياسية. لكنّ يبدو اليوم أنّ دورها الرئاسي تحديداً قد تراجع لمصلحة تقدّم الدور الفرنسي الذي سيعود تحت مظلّة “الخماسية”، و”الثلاثية” بشكل أدقّ، ليلعب دوراً سياسيّاً أمنيّاً في لبنان.

الثلاثيّة تفاوض الحزب

بعد تحقيق التمديد لقائد الجيش الذي سيُقَرّ في قانون داخل مجلس النواب هذا الأسبوع، ستعود اللجنة الخماسية إلى الاجتماع في مطلع العام المقبل، على وقع الحرب في غزة والعناوين الأمنيّة التي فرضت نفسها على الطاولة بموازاة العنوان الرئاسي. وهي عناوين متعلّقة تحديداً بجبهة الجنوب.

لا شكّ أنّ الحزب كان العنوان الداخلي الأساس في الملف الرئاسي، وسيبقى، لا بل سيكون عنواناً للتفاوض معه حول الجنوب. وعليه، ستكون التسوية الرئاسية شاملة لموقع الرئاسة والملفّ الأمنيّ ربطاً بكلّ المطالبات بتنفيذ القرار الأممي 1701. غير أنّ ما هو ثابت اليوم بالنسبة إلى “الخماسية”، بحسب المصادر الدبلوماسية، أنّ الرئيس المقبل سيكون شخصية قادرة على التفاوض مع الحزب وتحظى بثقته لأنّ من غير المطلوب مواجهة داخلية مع الحزب في المرحلة المقبلة.

لا يعني ذلك أن يُعطى الحزب الرئاسة مقابل تسوية معه في الحدود. وعليه، فإنّ “تثبيت الحدود الجنوبية، بما فيه الانسحاب من “الأراضي المحتلّة” الذي تحدّث عنه مدير المخابرات الفرنسية برنار إيمييه مع الحزب، سيكون مرتبطاً برئيس للجمهورية يمثّل خياراً ثالثاً غير صداميّ مع الحزب، ويحظى بدعم اقتصادي من المجتمع الدولي. ووفق ما يُعمل عليه في الكواليس فإنّ الوصول إلى هذه التسوية لن يكون أبعد من الأشهر الأولى من العام المقبل.

في المقابل، فإنّ الحزب، بحسب مصادر مقرّبة منه، ليس بعيداً عن هذا الجوّ. هو بطبيعة الحال يرفض أن يرضخ لشروط أمنيّة تنال من سلاحه، ويتحدّث عن انتظار خلاصة حرب غزة وتداعياتها قبل إنجاز أيّ اتفاق سياسي. لكنّه براغماتي لدرجة استعداده للوصول إلى تسوية تحفظ وجوده ودوره وسلاحه من جهة، وتلبّي من جهة أخرى العناوين المطروحة دولياً.

ليست الصيغة المطروحة واضحة بعد، لكنّ العمل عليها قائم بشكل جدّي مع الحزب. وهو بدوره يقرأ ويعالج ويعمل بواقعية سياسية ليست إيران بعيدة عنها لأنّهما معاً مقتنعان بأن لا مصلحة لمواجهة كبرى في المنطقة وأنّ نفوذهما يمكن المحافظة عليه بالتسويات لا بالحروب، وبالتالي فإنّ مقاربة الحزب للحرب في غزة وللمواجهة على حدوده الجنوبية هي واقعية جداً. وهي تتلاقى مع واقعية الولايات المتحدة الأميركية التي لا تريد خوض حرب على الحزب ولا على إيران ما دامت الحلول السياسية والدبلوماسية معهما ممكنة.

المصدر: CH23

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى