أشار رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي السابق وليد جنبلاط إلى، انه “حتى هذه اللحظة الدول الداعمة لإسرائيل في هذه المجزرة والمذبحة، لم تتوصّل بعد إلى قناعة بوقف الحرب، إذاً الحرب قد تَطول لأشهر رُبما، هناك رأي عام مُفيد جداً، وهذه التظاهرات في الغرب والتي هي غائبة في الشرق، لكن لم تُغيّر بعد في موقف بعض الدول، إلا بالتصويت الأخير الذي جرى في مجلس الأمن حيثُ أيدت فرنسا وقف إطلاق النار، إنما على الأرض فقيل لأهل غزة التي ضربتهم تلك النكبة الكُبرى إذهبوا إلى الجنوب”، سائلاً: “انهم يضربون الجنوب بخان يونس، فالى أين يذهبون أهل غرة؟ الى معبر رفح الذي قد يكون لتهجير القسم الأكبر منهم؟ ثمّ غزة تبقى كما هي خراب بخراب”.
وأضاف في حديث لِـ”هلا لندن”: “لستُ على اطلاع كافٍ بالطريقة التي يُدار بها معبر رفح، فأولاً يجب إخراج أكبر عدد ممكن من الجرحى، كما يجب إدخال المؤمن الكافية بدون تفتيش، لكن هناك تنسيق بين معبر رفح ومعبر كرم ابو سالم والمعابر الاسرائيلية المتعددة، وقيل بأن السفير الأميركي السابق في لبنان سادوفلت سيكون هو المسؤول عن المعونات لغزة”.
ورداً على سؤال حول ما إذا إن كانت عملية طوفان الأقصى ستدخل في التاريخ لأنها أعطت أملاً بدولة فلسطينية أم ستكون نكبة أكبر من الـ1948، أجاب جنبلاط: “أميل الى الشق الثاني، نعم قد تكون بشكل مرحلي نكبة، لكن ما من أحد يستطيع القول أنه لا وجود للشعب الفلسطيني، كما أنّه لا يمكن القضاء على حماس وفقَ ما قالت بعض التصريحات، إذ إنَّ حماس موجودة اليوم، وغداً ستكون حركة أخرى”، مضيفاً أنَّ “الواقع اليوم يقول أن هناك 800 ألف أو مليون مستوطن في الضفة والأرض تتقلص في حين أنَّ الاستباحة تتوسع كل يوم، وبذلك من الذي سيأمر 800 ألف اسرائيلي أو يهودي بالخروح من الضفة؟ لا أحد!”.
وتابع، “هذه الوحشية بالتصرف في غزة، وهم أيّ الإسرائيليين، وحوش في الأساس، خاصةً واننا رأينا وحشيتهم في حصار بيروت، قانا، اجتياح لبنان وغيرها، لكن على الأقل استفاق الرأي العام العالمي اليوم، الذي كان قد نسي فلسطين، على القضية، حيث انّها عادت على الأجندة الدولية وستبقى، ما يدلّ على أنَّ هناك جيلاً من الشباب في هذا العالم الحر والمتقدم أيقن وجود مأساة في فلسطين، وهناك رؤساء جامعات أجبروا على الاستقالة، بالإضافة إلى القوانين التي خرجت من الكونغرس والتي بيّنت بشكل مباشر بأنَّ أي معاداة للصهيونية هي معادة للسامية”.
ولفتَ جنبلاط إلى، أنَّ “الموقف الفرنسي تغيرّ أخيراً إيجاباً، إذ إنَّ فرنسا هي البلد الأول بجالية فرنسيّة لكن أيضاً عربية إسلامية، وهناك مشكلة داخلية كبيرة، من حيث الصحافيين وغيرهم فهناك قمع هائل في فرنسا وبريطانيا وأميركا، إلاّ بعض الأفراد مثل رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دو فيلبان، كذلك جان لوك ميلونشون، فمواقفه ممتازة وأصبحت من جماعته، فإذا كنت أريد أن أصوت سأصوت له”.
وعن وضع ماكرون المعقّد والدقيق، قال: “أفهم ماكرون إذ إنَّ هناك فرنسيون قضوا في الحرب على غزة، ولكن 40% من أهل غزة تهجّروا من فلسطين التاريخية الـ48 والتي هي بجانبهم، ما يسمّى بغلاف غزة، وهي أرض فلسطينية، بالإضافة إلى مليوني شخص محاصرون خلال الحروب على غزة، وبذلك فالأمر يختلف، خاصة عند مشاهدة البعض يرقص بالجوار، لذا فالوضع يحتاج إلى بعض التقدير والترفع والجرأة، لكن الجيد في الأمر أنَّ الموقف تغيّر إذ كنا في نظرية داعش حماس أصبحنا نصوّت مع وقف إطلاق النار”.
ورداً على سؤال، اعتبرَ جنبلاط، أنّه “طالما لم يتم وقف إطلاق للنار في غزة، فإنَّ مليوني شخص موجودون تحت الضرب كلّ يوم، فإلى أين يتوجهون؟”، لافتاً إلى أن “لا وجود للحل السياسي، بل إنها جولة من الجولات، ولم أعد أؤمن بحل الدولتين، بل يمكن إعطاء إيمان نظري بالدولة الواحدة، الفكرة التي أعطاها إدوارد سعيد منذ سنوات بدولة مزدوجة الهوية، لكن دولتين مستحيل”.
وأردف، “أراسل الدكتور وليد خالدي وكنت من طلابه، وقدّم لي لائحة بمسؤولين إسرائيليين من بن غوريون وصولاً إلى نتياهو، ما من أحد اعترف بإمكانية القيام بدولتين او أن الضفة هي فلسطين، بل إنهم أجمعوا على أن شرقي الأردن هو فلسطين، وهذه نظرية فاريز في العام 1967 عندما احتل الإسرائيليون الضفة، من هنا الخطر على الأردن ويجب على العرب القيام بدعمها اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً”.
ولفت جنبلاط إلى، أنَّ “منظمة التحرير خرجت والجناح العسكري من الفلسطينيين في السابق باتفاق لبناني أميركي، وإسرائيلي في مكان ما، ولكن اليوم إذا كنا سنقوم بمقارنة، فلن تكن النتيجة نفسها، إذ إنَّ هناك شعباً في الجنوب، فلا يمكننا إخراج الشعب الجنوبي من لبنان”، مضيفاً: “لا يمكن القضاء على حماس، قد تخرج منظمات غيرها، إذ هناك حماس والجهاد الإسلامي وحركة فتح والشعب الفلسطيني، وبالرغم من النكبة فلن ينسى هذا الشعب أرضه، لكن في لبنان، إذا كان هناك مجالاً للمقارنة بين منظمة التحرير والمقاومة وحزب الله، فإنَّ حزب الله ليس بغريب عن لبنان”.
واستكمل، “لا زلت أحذّر من الاستدراج إلى حرب، لكن عملية الاستدراج تتم من خلال الفريقين، الفريق الأول المقاومة، لكن حتى هذه اللحظة تقول أوساط المقاومة أنها تحترم قواعد الإشتباك، بينما الفريق الثاني وهو الإسرائيلي، فهل يريد توسع الحرب، هذا السؤال لا إجابة عليه، لكن فلنأخذ الحذر الأقصى، إذ إمكانية الدخول في حرب واستدراج الإسرائيلي للأساطيل الموجودة في البحر ليست ببعيدة”.
واعتبرَ جنبلاط، أنَّ “الموفد الفرنسي برنارد إيمييه قلق والمطلوب منه ومن جو بايدن الضغط على إسرائيل إذ إنَّ هناك غرفة عمليات مشتركة وموجودة، وهناك قوات تشتبك على الأرض مع حماس كما وجود لمرتزقة موجودة في كل مكان، والحزب لا يمكنه التخفيف من حدّة العمليات، بينما هناك حي في الخيام دمره الإسرائيلي، ولكنه يحافظ قدر المستطاع، ولست في موقع أدافع عن الحزب لكنه خسر 100 شهيد حتى اليوم، وحتى اللحظة إدارة الأزمة ممتازة، لكن هناك على خط آخر الإسرائيلين”.
وقال: “يُطبّق القرار 1701 إذا تم وقف إطلاق النار، لكن البلد يتعرض لاعتداء يومي، ولا يمكننا القول للحزب أو لأهالي الجنوب أن ينسحبوا منه، هناك حيثية وجود سلاح الحزب والجيش، ولقد سقط شهيداً للجيش، والإعتذار الإسرائيلي مسرحية، بذلك هناك مؤشرات تصعيد”.
وذكر، “عدت إلى قراءة اتفاق الهدنة بين إسرائيل ولبنان في العام 1949، وخاصة آخر بندين يتعلقان بتحديد السلاح في الجهتين، فهل يمكننا تطبيقه اليوم؟”. وقال: “لست مع الحرب لكنها قد تحدث، ولست أنا من أقرر، والمعادلة أكبر بكثير مني ومن بعض السياسيين اللبنانيين، بل هي معادلة دولية تقودها أميركا، ورأينا الإنحياز الكبير في تصريح بايدن منذ اليوم الأول للحرب، وتصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي قال أنا يهودي”.
ودعا جنبلاط للحفاظ على القرار 1701، وعدم السماح بأي ذريعة لتعديله، أو انسحاب القوات الدولية، لأنه إذا ما انسحبت فسنكون بحالة حرب وجهاً لوجه مع إسرائيل.
ولفت الى، أنَّ “تعيين قائد جيش جديد خط أحمر لدى البطريرك الراعي وأتفهم ذلك، وبذلك أصبح هناك حالتين، إما التمديد للقائد الحالي، وهو تمرّس في قيادة الجيش منذ 7 سنوات أو ترقية ضابط حسب الأقدمية، وقد يعترض البعض على كلامي هذا، فيُعين العميد حسان عودة لإستلام الفراغ في حال تقاعد قائد الجيش، لأنه وبحسب قانون الدفاع فعندما يغيب قائد الجيش، يستلم مكانه، لكن الأفضل أن يكون قائد جيش مع رئيس اركان ومجلس عسكري”.
وتابع جنبلاط، ” أما اذا استحال الامر نتيجة السياسات العبثية لبعض السياسيين في لبنان كأن لبنان ليس في الحرب، بل إن لبنان في حرب ومهدد بحرب أكبر لكن هناك حسابات انتخابية صغيرة جداً”.
وعن الجمود في الملف الرئاسي، أجاب: “ليس هناك من مُحاور، ولا بد للجنة الخماسية وجان ايف لورديان تحريك هذا الملف”.
وردا على سؤال عن تسوية لوصول سليمان فرنجية الى الرئاسة، قال جنبلاط: “آنذاك قال اللقاء الديمقراطي برئاسة تيمور جنبلاط بأنه لسنا مع مرشح تحدي وايضا الفريق الثاني ما يسمى بالممانعة قالوا نرفض مرشح التحدي وكانوا قد رفضوا ميشال معوض في البداية وبعده جهاد أزعور، كما ليس لدي معطيات جديدة في هذا الخصوص”.
وعند سؤاله حول قدرة لبنان على التأقلم مع الفراغ داخل الدولة، قال جنبلاط: “المطلوب تقديم الدعم، إذ يقال بأن أميركا وقطر تدعم العسكر بمئة دولار، بعد أن كان راتبهم في السابق 600 و700 دولار، أما القطاع العام، والأساتذة اللذين لولا بعض الجهود لوزير التربية لكان وضعهم يزداد سوءً، كذلك تعاونية الموظفين جهد مقبول من الداخل والضمان الاجتماعي، وبذلك فإنَّ القطاع العام تدمر، مع وجود رفضاً عبثياً في حضور مجلس النواب وإعطاء الحكومة الصلاحيات قبل انتخاب الرئيس، وفي حال عدم انتخاب رئيس نبقى نقاطع الجلسات، فما هذه البدعة؟!”.
وعن الدور الذي لعبه القطاع الخاص في ظل الأزمة، قال جنبلاط: “هناك قطاع عام، كالاستشفاء والتعليم والجامعة اللبنانية وتعاونية الموظفين والضمان الاجتماعي والجيش والقوى الأمن، علماً أنَّ القطاع الخاص يستفيد من هبوط الليرة، إنما لا يمكن الحصر فقط بالقطاع الخاص”.
وختم، “كنت قد زرت وسط بيروت عدّة مرات، وأحد المرات زرت ضريح الرئيس الحريري ليلاً، فكان الوسط مظلماً بأكمله، هذا هو وسط بيروت الذي بناه رفيق الحريري!”.
المصدر: ليبانون ديبايت