ميقاتي يُمسك بـ”خطة باء”…على ماذا تم الاتفاق؟
بحسب المعطيات الراهنة والمسجّلة لغاية مساء أمس، فإن الإتجاه العام في جلسة مجلس الوزراء اليوم، هي لطرح بند “مناقشة وضع قيادة الجيش” من خارج جدول الأعمال، وسط اتجاه جدي لدى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزراء الحزب التقدمي الإشتراكي، حركة “أمل”، تيار “المردة” وآخرين، لاتخاذ إجراء (قرار) بتأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزاف عون مدة 6 أشهر. غير أن ما لفتت إليه مصادر “ليبانون ديبايت”، هو الإتجاه الجدّي والقوي أيضاً لتعيين (أو تكليف) رئيسٍ للأركان في الجلسة نفسها.
على أهمية ما تقدم، إلاّ أنه يبقى غير مضمون نتيجة الحذر الداخلي بشكل عام و”الحكومي” بشكل خاص، من مغبّة أن ينقلب أي قرار يصدر عن الحكومة في هذا الخصوص إلى كارثة على الجيش تؤثر على صورته! هذا الكلام أخذ مصادر سياسية إلى الإعتقاد بأن الظروف “قد تكون غير مكتملة”، من دون حسم ما إذا كانت الحكومة ستخطو اليوم باتجاه التمديد أم ستقوم بتأجيلها. مع ذلك، تُرك الباب أمام اتخاذ القرار موارباً.
هذا التخبّط، يؤشِّر إلى دقة المرحلة الداخلية والأجواء الخارجية. أمّا التطوّر الحاصل في شأن اتخاذ قرار “محتمل” داخل الحكومة بشأن تأجيل تسريح “القائد”، فمردود إلى ثمرة جهود ومروحة مناقشات، دامت أياماً وشملت كلاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الزعيم وليد جنبلاط، و”حزب الله” وتيار “المردة”. وقد جرى التوصل إلى “إتفاقٍ مبدئي”، قضى بإعادة ملف قيادة الجيش إلى مجلس الوزراء، فيما يُبقي على مجلس النواب في “وضعية الإحتياط” لاتخاذ ما يلزم في حال تعثّر الحل حكومياً.
في معلومات “ليبانون ديبايت”، أنه ومن جملة ما أدت إليه المروحة فضلاً عن “الإتفاق مبدئياً” على تأجيل تسريح “القائد” بتأييد شبه جماعي يُستثنى منه وزراء الحزب، الذين سيكتفون بالحضور فقط، أدت إلى تعديل موقف وليد جنبلاط من معارضٍ لتسمية وتعيين رئيس للأركان، إلى موافقٍ عليه مع منحه التغطية اللازمة، وقد سمّى قائد الفوج الحادي عشر العميد حسان عودة.
وعلى ما يبدو، فإن تعيين رئيس الأركان ـ في حال تمّ ـ يحمل أسباباً ضرورية وأخرى مدروسة.
ففي الضروريات، ينهي التعيين حالة فراغ في رئاسة الأركان امتدت عاماً ونيف أبقت قائد الجيش أسير اليرزة.
في الخطوات المدروسة، يُعتبر التعيين “بنداً إحتياطياً” تلجأ إليه الحكومة كتدبير إستثنائي ـ إحترازي، في حال طُعن بتأجيل تسريح قائد الجيش. وفي اعتقادها، سيستثني أي طعن وضعية رئيس الأركان على مبدأ “تسيير المرفق العام”. أمّا في حال لم يفلح الطعن وأبقيَ على قائد الجيش مدة 6 أشهر ثم انقضت من دون تعيين قائدٍ جديد، فيكون رئيس الأركان حاضراً لتسيير شؤون الجيش.
طعن بخطوات مدروسة
عملياً، يلوّح وزير الدفاع موريس سليم، ومن خلفه “التيار الوطني الحر”، بطعنٍ مدروس يصنّف من قبل مراجعين دستوريين، على أنه يجمع بين عناصر القوة والقانون والمنطق. ويستند في أهم أركانه على أن تأجيل التسريح يتجاوز 3 مبادئ أساسية غير ملحوظة في الحالة الراهنة:
- إعلان حالة الحرب.
- إعلان حالة الطوارئ.
- تسليم الجيش مهام حفظ الأمن.
يُضاف إلى ذلك سابقة تمثلت بقبول مجلس شورى الدولة طعن العميد المرحوم حميد اسكندر، بتأجيل تسريح قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي للأسباب الآنفة.
لذا، يراهن “التيار الوطني الحر” كصاحب امتياز دعم الطعن المتوقع من وزير الدفاع لإمراره وحسمه بشكلٍ سريع، على قبول المطالعة ربطاً بمضمون المادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة، التي تُجيز وقف تنفيذ أي قرار في حال لم يشمل ما يتعلق “بحفظ النظام أو الأمن أو السلامة العامة أو الصحة العامة”.
“علّة” في مصلحة الطعن
أمّا العلّة الحقيقية التي تمثل انتقاصاً من قيمة أي قرار تأجيل تسريح وتعرّضه للإبطال الجدي، تتمثل بغياب التدبير المثالثي والقانوني الذي ستخرج فيه الحكومة قراري تأجيل التسريح وتعيين (أو تكليف) رئيس للأركان.
بحسب قانونيين، يحتاج القرار الحكومي كي يصبح نافذاً أن يتبع بصيغة “مرسوم”. ولا بدّ لهذا المرسوم أن يلحظ إلى جانب توقيع رئيس مجلس الوزراء بصفته وكيل صلاحيات رئيس الجمهورية بسبب الفراغ، توقيع وزير الدفاع المعني المباشر بأي إجراء مماثل. وتكمن الصعوبة في رفض وزير الدفاع الخطوة، ما يشكّل أحد مصادر القوة المكوّنة للطعن المفترض.
عند هذه النقطة نشط رئيس الحكومة طوال الأيام الماضية بمراجعة “دستوريين” لإيجاد “صيغة ـ مخرج” لتمرير القرار بأقل الأضرار وخفض قيمة الطعن المرتقب دونما الحصول على مراده.
رغم ذلك، ركن ميقاتي إلى مطالعة قانونية قدمها الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، كدراسةٍ أجازت التعيين من خارج رأي وزير الدفاع.
وقد تواتر إلى “ليبانون ديبايت” أن الدراسة، بُنيت في جزء منها، على اعتبار أن وزير الدفاع “متخلٍّ عن مسؤولياته في إيجاد حل لمعضلة الشغور في قيادة الجيش، وبالتالي، يُجاز لرئاسة الحكومة كونها تحوز صلاحيات رئيس الجمهورية التصرّف”. وهنا، كانت لوزير الدفاع موريس سليم، خطوة مدروسة أمس، من خلال توجيهه كتاباً إلى رئاسة الحكومة يؤكد فيه “المضي بإجراءاته الإدارية لتفادي الشغور في قيادة الجيش ورئاسة الأركان بحسب ما يتوافق مع أحكام الدستور”، ليكون قد قطع الطريق على احتمال إعتباره متقاعساً في مسؤوليته، ما قد يؤخذ مبرراً لإسقاط الطعن!
“الخطة باء”
في المقابل، أبقى ميقاتي بين يديه “سلاحاً فعاّلاً” قد يلجأ إليه كـ”خطة باء” في حال سُدّت منافذ تأجيل التسريح في وجهه، أو أتى الطعن المحتمل على تأجيل التسريح ـ إن حصل ـ
يتمثل ذلك في دراسة قدمها الوزير السابق ناجي البستاني بناءً على طلب ميقاتي، بالبحث عن سبلٍ قانونية لإعفاء قيادة الجيش من أي شغور.
وفق معلومات “ليبانون ديبايت”، قدّم البستاني دراسة قانونية مفصّلة، إرتكزت إلى المادة 149 من قانون الدفاع الوطني (يسري على العسكريين قانون موظفي الدولة في كل ما لم يؤتَ على ذكره في هذا المرسوم الإشتراعي)، تجيز لمجلس الوزراء تعيين قائدٍ للجيش بصفة وكيل، عطفاً على المرسوم الإشتراعي رقم 112 (نظام الموظفين) الباب الثامن، تحديداً المادة 44 التي تشير إلى شروط التعيين، بحيث يجب أن يكون في سلك الأصيل وأن يعيّن في وظيفة شاغرة ويكون مكلّفاً بصورة مؤقتة إشغال وظيفة غير وظيفته الأصلية، على أن تُعيّنه السلطة التي تعيّن الأصيل، والمادة 45 التي تجيز للوكيل ممارسة جميع صلاحيات الأصيل… الخ.
المصدر: “ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح