ما تلا إنجاز ملف التمديد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية، لا يعني أن الإيجابيات المتمخضة عنه ستنسحب على ملفات أخرى من بينها رئاسة الجمهورية ورئاسة الأركان التي تحظى بأهمية وتكاد تصنف كمركز إستقطاب القوى حالياً.
في الطريق إلى ذلك، لا حرج في إسداء نصيحة إلى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بضرورة إدخال تغييرات على إستراتيجية التعاطي مع الملفات الاساسية والحساسة، والانصراف سريعاً عمّا اتبع بملف قيادة الجيش.
أمّا في حال إستمراره بإتباع الوسائل ذاتها، فمن غير المتوقع أن يحصد نتائج مختلفة، وقد نرى قائد الجيش رئيساً في بعبدا كنتيجة طبيعية! إلى هذا الحد، يبقى الرهان مستمراً على محاولات فرملة إندفاعة قيادة الجيش بولايتها المُمدّدة، بطرقٍ شتى وأهمها اليوم ملف رئاسة الاركان الموضوع على نارٍ حامية.
وفق المعلومات يسود سباق بين فريقين. الأول يريد تكريس “التفاهم” على التمديد تفاهماً على رئاسة الاركان. ويعتقد بخطوته أنه يُحرّر مسار قائد الجيش جوزاف عون الخارجي. يقابله فريق آخر يعتبر أن قطع الطريق على تعيين رئيس للاركان يُسهم إلى حدٍ ما بالتضييق على جوزاف عون، وربما في مرحلة لاحقة التأثير على إحتمالية إنتقاله إلى بعبدا.
في الواقع، تولت بعض القوى الاساسية سحب ملف تعيين رئيس الأركان من التداول خلال الايام الماضية، في محاولة منها لتبريد الاجواء داخل اليرزة. لكن ذلك قد لا يعني أن البحث إنتهى أو عّلق.
ويُلاحظ أن الزعيم وليد جنبلاط أجرى تعديلاً بدوره، بحيث إنتقل من الدفع بإتجاه تعيين رئيس للاركان إختار له قائد اللواء الحادي عشر العميد حسان عودة إلى سحب الموضوع من التداول تدريحياً مع ملاحظة إنعكاسات على صعيد بلورة موقف جديد عبر عنه عن لسان بعض نواب “المختارة”.
ويتردّد أن جنبلاط الذي لاحظ أن قوى معينة ترغب في الاستثمار بموضوع رئيس الأركان، إستنتسب تعليق التداول فيه بالوقت الحالي، حفاظاً على قيمته. لذلك مثلاً، استُبدل النقاش بملف رئاسة الأركان بـ”شقل” موضوع رئاسة الجمهورية ووضعه في واجهة الملفات، وسط معطيات تفتقد إلى الدقة أو ما يدعمها وتشير إلى مبادرات ستنطلق مطلع العام المقبل.
بموازاة ذلك، استفيد من “إبعاد” ملف رئاسة الاركان عن الضوء، عبر محاولة إعادة تنشيط العلاقة بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم تحت عناوين لها صلة بمصلحة المؤسسة العسكرية.
وإن كان للقاء الذي جرى مؤخراً برعاية الوزير محمد مرتضى وإشرافه مع ما يمثله سياسياً لم يسجل أي نتائج إجرائية على الملف، لكن الرهان يبقى، من جانب قوى معينة، على محاولة إستمالة سليم صاحب المواقف “المنفتحة” على حلول في قيادة الجيش، وربما الوصول معه إلى تفاهم معين خلال الفترة المقبلة.
عملياً، يأتي تنشيط الاجواء حول رئاسة الجمهورية كتعويض عن النقاشات المتصلة بظروف قيادة الجيش، فيما البعض يعتقد أنه يأتي في خدمة إبعاد التركيز عن الملف العسكري وملف رئاسة الاركان في هذه الفترة.
رغم ذلك، فإن الوصول إلى قناعة حيال تعيين رئيس للاركان “سهل” في ظل إستنتاج يسود لدى قوى اساسية مفاده أن تعيين رئيس الأركان يمثل أحد العناوين التي الرئيسية التي ستشير إلى تقدم البحث في ملف رئاسة الجمهورية، على إعتبار أن التعيين يمثل واحدة من إثنتين: تولي رئيس الأركان المعين مُهمة إدارة شؤون الجيش، سواء في حالة إنتخاب عون أو أحد غيره، ربطاً بالمدة التي سيأخذها الإنتخاب وترتيب أوضاع الدولة والوصول إلى تشكيل حكومة يفترض أن تتولى التعيينات من ضمنها تسمية قائد الجيش الجديد.
المصدر: “ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح