الرقابة على الموازنة تكشف فضيحةً في المطار!

لا استراحة عيد لدى لجنة المال والموازنة، اذ تتابع بجلسات متلاحقة تشريح مشروع موازنة ٢٠٢٤. بات من الثابت أنّ “غربال” اللجنة سيخرج المشروع المحال من الحكومة أفضل مما هو عليه، لتبقى العين على نزول الكتل النيابية الى البرلمان لاقرار الموازنة معدّلة عند دعوة رئيس مجلس النواب الى جلسة تخصّص لذلك قبل نهاية كانون الثاني.

يتفق الكثير من النواب على وصف ما بين أيديهم بالفضيحة. لا يتعلّق الأمر فقط بالرسوم والضرائب المفروضة، والتي تطال جيب المواطن في القطاعين العام والخاص، وتهدّد باقفال مؤسسات وتشجيع الاقتصاد غير الشرعي. بل أن ما تتوقّع الحكومة تحقيقه من ايرادات يبدو “سوريالياً” غير قابل للتحقيق.
و”المضحك المبكي” في هذا السياق، هي مصادفة دراسة موازنة وزارة الأشغال العامة والنقل، مع فيضان الطرقات في لبنان، وغرق حرم مطار بيروت. فـ “طلعة صرخة” الناس الذين تبهدلوا بوقتهم وأرزاقهم.

وبينما هناك آلية متفق عليها بين وزارة المال ووزارة الاشغال وفق القانون الذي أقرّ في العام ٢٠٢٢، ووافقت عليه الحكومة، لتحويل ٢٠٪؜ من عائدات رسوم المطار بالدولار لتحسين أوضاعه واجراء الصيانة عليه، فالآلية التنفيذية لا تزال بالأدراج كما يحصل دائماً في القوانين التي يترك للحكومة ووزاراتها إصدار “المراسيم التطبيقية” او “الآليات التنفيذية”… فالى أين ذهبت الأموال؟ أسئلة طرحتها لجنة المال على المعنيين، واتخذت قراراً بإلزام وزارتي المال والأشغال بوضع واحترام الآلية فوراً وتطبيقها. واللجنة ستتابع هذه المسألة مع اجراءات أخرى طلبتها.

أكثر من ذلك. فبينما كان يفترض بالحكومة أن تتحضّر لمعالجة مثل هذه “الكوارث الطبيعية”، تبيّن أنّ البدل المرصود لصيانة المطار في موازنة ٢٠٢٤ الحكومية، لا يتعدى ٣ مليار ليرة فقط، بينما المطلوب ٢٥٠ مليار ليرة. أي أن الحكومة التي قررت في موازنتها رفع بعض الرسوم التي يدفعها اللبناني عشرات المرات، “كسرت ايدها وشحدت عليها” في مسألة حيوية واساسية تعرّض سلامة المسافرين واللبنانيين للخطر.

فأيّ “عقل مالي” وضع الموازنة غير الواقعية وغير المسؤولة؟ والفارق كبير ايضاً للصيانة وتأمين السلامة العامة بين المبلغ المرصود ويبلغ ٦١ مليون دولار وحاجات الوزارة وتصل الى ٢٤٨ مليون دولار. ما يعني أن مشاهد الغرق ستتكرر ما لم تبادر الحكومة لمعالجة النواقص الكبيرة.

وفي هذا السياق، يقول النائب ابراهيم كنعان لموقع mtv “هذا نموذج صارخ من تعطيل الحكومة لقرارات أساسية تتعلق بالسلامة العامة في مرافق حيوية كالمطار والطرقات العامة وبسلامة المواطنين، وإرباك وفوضى وتهرّب من المسؤولية من خلال عدم احترام القوانين التي وافقت عليها في المجلس النيابي والتي تظهّر من جهة جدية الرقابة البرلمانية في لجنة المال والموازنة لاسيما خلال مناقشة مشروع موازنة ٢٠٢٤، والإصرار على المعالجة الفورية لتصحيح الخلل من جهةٍ آخرى”.

واشار كنعان الى أن “هذا التخبّط الحكومي والتهرّب من المسؤولية ينسحبان على الكثير من القضايا الحيوية التشريعية والإصلاحية، كما التعطيل التطبيقي الذي تمّ اكتشافه في اكثر من مرفق ووزارة ومؤسسة عامة، وسنعلن عنه تباعاً مع المعالجات المفروضة بحكم القانون”.

ويبقى السؤال المطروح: هل نحن امام حكومة تصريف أعمال أم تعطيل أعمال؟