نعود الى حرب غزة التي لا تخرج من دائرة الاهتمام اليومي، وسط مخاطر جدية بأن تتمدّد لأشهر، أو ربما لعام، خصوصاً أن التصريحات الإسرائيلية تتحدث عن مراحل متتالية لها، تقسّم العمليات بين شمال القطاع ووسطه وجنوبه، وهي أنشطة عسكرية لا تشبه تلك التي شهدها العالم هناك قبل نحو ثلاثة أشهر، وستترك لإسرائيل حرية التحرّك جوّاً وبرّاً، وبعمليات خاصة.
تدهور ملحوظ؟
فماذا عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في لبنان إذا استمرّت الحرب لعام كامل بَعْد، أي الى حين موعد خروج الرئيس الأميركي جو بايدن من “البيت الأبيض” في 2025، بحسب بعض المحلّلين، والذي قد يستعمل كل أوراقه في الشرق الأوسط قبل رحيله، لا سيّما أن فرص إعادة انتخابه في تشرين الثاني القادم تبدو صعبة جداً؟
وهل يمكن للبنان، بجبهة الإسناد الجنوبية، أن يصمد في حرب من هذا النوع، ولهذا الوقت الطويل، أم سنشهد تدهوراً اقتصادياً ومعيشياً ملحوظاً مع مرور الأسابيع والأشهر القادمة؟
سينزف أكثر
رجّح الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة أن “لا تستمرّ حرب غزة لسنة كاملة. فالصراع عمره 75 عاماً، وهو لا يرتبط بإعادة انتخاب أو رحيل بايدن، أو أي إدارة أميركية بحدّ ذاتها. وحرب سنة كاملة هناك مستحيلة لكونها تؤدي الى خراب شديد، والى اهتزاز إسرائيل نفسها، والمجتمع الإسرائيلي”.
ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “الوضع الاقتصادي في لبنان مُتعَب أصلاً، والأوضاع في غزة تؤثر علينا مباشرة، واستمرار الصراع بهذا الشكل سيجعل البلد ينزف أكثر، ولكن لا خيارات أمامنا. فاللبنانيون كلّهم يشعرون بارتباطهم بما يجري هناك، خصوصاً أن قرار الحرب ليس في يدنا وحدنا. فلنفترض مثلاً أن إسرائيل شنّت ضربة على مطار بيروت، فإن ذلك سيجعلنا ننزلق الى الحرب بشكل إجباري، وسيمنع أي طائرة من الإقلاع والهبوط فيه. وبالتالي، من الأفضل لاقتصاد لبنان، إبعاد البلد عن احتمالات توسيع التدهور العسكري، والتدمير، والقصف، الى كل الأراضي اللبنانية، وإبقاء الأمور محصورة بقواعد الاشتباك في الجنوب”.
أشدّ صعوبة
وأشار حبيقة الى أن “الأميركيين يبذلون جهوداً لعدم توسيع الحرب الى خارج غزة، ولذلك نرى المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكستين ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يزوران المنطقة بشكل مستمرّ. ولكن حتى الأميركيين أنفسهم ليسوا قادرين على فرض وقف لإطلاق النار الآن، وذلك رغم مساعيهم لعدم تمدُّد المواجهات”.
وأضاف: “المخاوف المُحيطة بلبنان جدية، ولا يمكن لأحد أن يستبعد أي احتمال. وهناك حاجة ماسّة لحلّ مُستدام يؤمّن الاستقرار، ويمنع تجدُّد فرص الحرب بعد أشهر، وإلا فلن يكون لدينا لا استثمارات، ولا سياحة، ولا أي تطوّر إيجابي آخر. فاليوم، حتى اللبناني المُضطّر الى أن يسافر في عمل معيّن، يخاف من احتمالات قصف المطار، وفقدان قدرة العودة، لا سيّما أن كلفة البقاء في فندق بالخارج قد تكون محمولة لأيام معدودة، ولكن ليس لأيام أو أسابيع أو مدّة طويلة”.
وختم: “لا نُحسَد على ما نحن فيه حالياً. ولكن إذا توسّعت الحرب الى لبنان كلّه، وتعمّم الخراب، فلا أحد سيكون محميّاً، وستُصبح الأوضاع أشد صعوبة ممّا هي عليه الآن”.
كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”: