قال رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان, اليوم السبت: “هذه الحكومة كسابقاتها، تعيش في عالم آخر، ولم تتعلّم شيئاً من التجارب السابقة، لاسيما الإنهيار المالي والاقتصادي، الذي أتى نتيجة دفن الحكومات المتعاقبة رأسها في التراب، وصمّ الآذان على رقابة وتوصيات لجنة المال منذ العام 2010”.
وأضاف في حديث لـ”الجمهورية”, “عملياً، نحن مجدداً أمام ميزانية لا موازنة، فهي دفترية تشغيلية لا رؤية فيها سوى زيادة إيرادات الخزينة، بغض النظر عن الوضع الاقتصادي الحالي. وذلك من خلال زيادات عشوائية لغرامات وضرائب ورسوم، بالإضافة إلى اعتمادات غير واقعية للرواتب والخدمات الأساسية المطلوبة. ناهيك عن المخالفات الدستورية والقانونية، وأبرزها السلفات التي تخفي موازنات مقنّعة خارج القانون”.
وتابع كنعان, “قد حاولنا اولاً معالجة فوضى الزيادات في الرسوم والضرائب والغرامات، فألغينا ما تمّ استحداثه منها، ولم يكن موجوداً من قبل. ووحّدنا معايير الزيادات على ما هو موجود منها، ربطاً بانهيار الليرة. كما اعتمدنا مؤشر التضخم الذي يحدّده مصرف لبنان كأساس وكمِثال على ذلك، رسم تسجيل التاجر أو المحل التجاري رُفع 25 الف مرة، في المشروع الحكومي، وشركة الأشخاص 50 الف مرّة، وشركة الأموال 150 الف مرّة، وتتضاعف هذه الرسوم إذا كانت على أجنبي، ما يدلّ إلى غياب الرؤية الاقتصادية التي تقتضي في هذه الظروف الصعبة بتشجيع الاستثمار وتوسيع الاقتصاد واستجلاب رؤوس الأموال”.
واستكمل, “هذا إذا ما تحدثنا عن ضرب غرامات السير بـ 10 أضعاف، وغرامات اخرى مختلفة غير محدّدة بـ 40 ضعفاً، وزيادة رسوم على الصناعة الوطنية مثل النبيذ والعرق والبيرة بـ186 ضعفاً!, هذه أمثلة بسيطة. وهناك الكثير غيرها في المشروع الحكومي، قمنا بمعالجتها وتوحيدها استناداً لنسبة التضخم”.
وأردف كنعان, “ناهيك عن معاقبة الذين لم يصرّحوا وإحالة قسم منهم على النيابات العامة وحجز أموالهم وممتلكاتهم، بينما الكل يعلم وضع الإدارة ودوائر الدولة المعطلة الخ… وهذه كلّها إجراءات تمّت معالجتها وتعديلها، ويتمّ ترتيب المواد وإعادة صياغتها وفقاً لقرارات لجنة المال والموازنة».
وعمّا اذا كانت وزارة المال تقبّلت كل هذه التعديلات، قال: “هناك تعاون من قِبل الوزارة حتى الآن للتصحيح. وآمل ان يستمرّ لمصلحة المواطن والاقتصاد الوطني”.
وأضاف كنعان إلى أن, “أما في مسألة الإيرادات، فبالاضافة إلى أنّها لا تتأمّن فقط من زيادة الضرائب والرسوم، لاسيما في ظل انهيار اقتصادي كبير كالذي نعيشه اليوم، فإنّ مشكلة وزارة المالية او الادارة المالية بشكل عام هي عدم وجود شفافية بالإنفاق من قِبل الحكومات (سلفات الخزينة غير القانونية والتي تخفي موازنات غير شرعية ومقنّعة) والأرقام غير الدقيقة والصحيحة، وذلك منذ التسعينات. وكلّنا يتذكّر هنا معضلة قطوعات الحسابات المرفوضة منذ التسعينات والتي اكتشفتها لجنة المال والموازنة وتابعتها منذ 2010”.
وأكّد انّه “لو تمّ إعداد الموازنة بشكل صحيح فلا عجز برأيي في الموازنة، نظراً لما تبيّن لنا من زيادات في الإيرادات. وأعطي مثالاً على ذلك، ادارة الجمارك التي وصلت الإيرادات المحصّلة فيها في العام 2023 على اساس دولار جمركي غير موحّد، إلى 1،400 مليار دولار، والمبلغ سيتصاعد في العام 2024”.
ولفت كنعان, إلى أن, “ستُضاف الى هذه الإيرادات إيرادات العقارية المعطّلة في جبل لبنان ومناطق اخرى، اضافة الى الاملاك المبنية وضريبة الدخل على الشركات. وهي سلّة تؤمّن ملياري دولار، تُضاف اليها رسوم المطار بالفريش. ونحن اليوم في صدد إعادة احتساب الإيرادات على مختلف أنواعها بالتعاون مع المالية، وعصر بعض النفقات ومعالجة الاحتياطي المضخم في مشروع الحكومة”.
وشدّد , على انّ “ما قمنا به في لجنة المال، واذا ما تمّ استكماله في الهيئة العامة، يمنع صدور موازنة الحكومة الكارثية كما أُحيلت ومن دون تعديلات اللجنة المالية. وهذا يتطلّب تحمّل جميع الكتل مسؤولياتها تجاه المواطن والاقتصاد الوطني، بعدما قمنا بواجبنا على مدى شهرين ونصف من الجلسات المتلاحقة والتدقيق الجدّي في ظلّ الامكانيات المتوفرة والظروف الصعبة”.
وختم كنعان: “انّ الموازنة المحالة الى مجلس النواب كانت كارثية”.
وكان كنعان قد أشار عقب زيارته البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في الصرح البطريركي في بكركي أمس, إلى أن, “كنا أمام خيارين، إما تركها تنفجر فينا، أو نحاول تعطيلها، لجهة تعديلها، وهو ما حصل من خلال تعديلات بنيوية وجوهرية، ليست مثالية بالطبع، ولن تكون بديلاً عن الرؤية الاقتصادية الغائبة في مشروع الحكومة، ولكنها على الأقل، عدّلت الزيادات والغرامات والضرائب والرسوم التي كانت ستضرب المواطن مباشرة في هذا الوضع الاقتصادي السيئ”.