“اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب”… كيف التفّت الحكومة على القانون؟!

في سابقة لم تحصل في عمر الجمهورية اللبنانية يخالف مجلس الوزراء بالوكالة عن رئيس الجمهورية القانون ويتراجع عن قرار توقيعه إصدار القوانين لا بل يذهب إلى ردّهم لمجلس النواب وسط إلتباس حول مدى صلاحيته برد القوانين وهي صلاحيات وفق مراجع دستورية ونيابة لصيقة بشخص رئيس الجمهورية ولا تنتقل إلى مجلس الوزراء بالوكالة.

في هذا الإطار, يوضح الخبير الدستوري المحامي عادل يمين لـ “ليبانون ديبايت”, أن “المخالفة الأولى عندما إتخذ مجلس الوزراء قراراً بإصدار القوانين وبالتالي لا يحق له التراجع عن قرار الإصدار لأنه سبق أن أقر هذا الإصدار في جلسة 15 كانون الأول 2023، وكان من المفترض أن تنشر كافة القوانين التي أقرت لأنه يعقب الإصدار حكماً النشر”.

ويشدّد على أنه “لم يكن لمجلس الوزراء أو رئيس الحكومة الحق بالتراجع عن قرار الإصدار، فرئيس الحكومة طلب التريّث بالنشر لحين إعادة طرح الموضوع على مجلس الوزراء ويأخذ المجلس اليوم القرار بالرجوع عن الإصدار” ، ويلفت إلى “أمر خطير في هذا الإطار فوفق الدستور والقانون لا يحق حتى لرئيس الجمهورية التراجع عن الإصدار فكيف بالوكيل وهو مجلس الوزراء مجتمعاً؟”.

ويقول: “لو سلّمنا جدلاً أن هذه الصلاحيات تنقل بالوكالة إلى مجلس الوزراء، فلا يعقل أن يملك الوكيل أكثر ممّا يملك الأصيل، لا سيّما أن هناك رأيان في الفقه الدستوري:

– الأول يقول أن مجلس الوزراء بالوكالة عن الرئيس في حال شغور الرئاسة أن يرد القوانين إلى مجلس النواب لأنه لا يوجد نص دستوري يمنعه ذلك أو يحد من صلاحياته كوكيل.

– والرأي الثاني يعتبر أن الصلاحيات اللصيقة بشخص رئيس الجمهورية ومن بينها رد القوانين لا تنقل بالوكالة إلى مجلس الوزراء.

ولكن بمعزل عن هذا النقاش الدستوري بما أنه سبق لمجلس الوزراء قرر إصدار القوانين فلا يعود بإمكانه الرجوع عن هذا القرار.

فلا يوجد نص بالدستور يسمح له بالرجوع عن القرار”.

أما عن كيفية تعاطي المتضررين من الرد مع هذا الأمر وكذلك النواب الذين أقروا القانون؟ ينتظر كيفية تعامل مجلس النواب مع الموضوع هل سيصر على إصدار القوانين، موضحاً أن سبل التعامل بالرجوع عن الإصدار هو بالحقيقة صعب فقد لا يكون قابلاً للطعن أمام مجلس شورى الدولة طالما يتعلّق الأمر بعلاقة السلطات بعضها ببعض.

ويشير إلى أن “مجلس النواب يحق له أن يصر على القانون ولكن السؤال وفق “أية أغلبية؟” لأنه بالأصل الإصرار على قانون يرده الرئيس يحتاج إلى الأغلبية المطلقة من عدد أعضاء البرلمان, فوق المادة 57 من الدستور إذا رد رئيس الجمهورية القانون يحتاج مجلس النواب للإصرار على القانون إلى الأغلبية المطلقة من عدد أعضاء البرلمان أي 65 نائباً”.

لكن “المشكلة برأيه أن الخيارات ضيقة في مواجهة قرار مجلس الوزراء إلا إذا اصر البرلمان بالأغلبية المطلقة على القانون فوجب نشره”.

وهل يمكن ملاحقة رئيس الحكومة ومجلس الوزراء لهذا التجاوز القانوني؟ هذا لا يتم إلا في حالة ملاحقة رئيس الحكومة والوزراء في مخالفة الدستور، ولكن هذه الآلية دونها عقبات كثيرة ولا يمكن المراهنة عليها بالنظر إلى الأغلبيات المتشددة المطلوبة وهي ثلثي من يتكون منهم مجلس النواب من أجل الإتهام.

ويخلُص يمين, إلى “أن الكرة اليوم في ملعب مجلس النواب ولا يمكن القيام بأي شيئ خارج إطاره”.

ووفق هذا التفسير تكون الخلاصة حسب المثل القائل” اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب”.