لا يزال لبنان عالقاً في الأزمة المصرفية والإنهيار المالي، وسط غياب الحلول والخطط والمعالجات، فيما يعتبر رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني، أن الوضع المالي “متروك”، والأزمة على حالها منذ أربع سنوات وستستمر مع العام 2024، مشيراً إلى أن مصير ودائع اللبنانيين في المصارف والتي تبلغ 93 مليار دولار ما زال ضبابياً، مقابل 7 مليار دولار في مصرف لبنان كاحتياطي الزامي، مرشّحة لتتراجع، بما يعني أن الصرف مستمر من أموال المودعين، في ضوء غياب المعالجة لمصالح معينة.
وإذ يرى الدكتور مارديني في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، أن توحيد أسعار الصرف، هو خطوة إيجابية، يكشف أن موضوع الودائع مؤجل إلى حين إعادة التوازن المالي وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وذلك على الرغم من أن أفكاراً عدة تطرح حالياً وهي كلها أفكار من “خارج الصندوق”.
إلاّ أن محور هذه الأفكار، يقول مارديني، هو فكرة واحدة، موضحاً “أنهم يدورون حول سيناريو وحيد يتعلّق بمصير الودائع، فكل المعنيين من مسؤولين، ينتظرون ويدورون حول فكرة هيركات للمودعين، ويريدون اقتطاع الودائع من دون أن يسوّدوا وجههم مع المودعين، وهذا هو سبب عدم حل الأزمة منذ 4 سنوات”.
وعن السيناريو المطروح لتنفيذ هذا الإقتطاع، يؤكد الدكتور مارديني، أن “كل شيء أو كل وديعة تتجاوز ال 100 ألف دولار، سوف تُقصّ أو ستتعرض للإقتطاع وتخضع لـ hair cut، وهم يطرحون أفكاراً للتعمية على الحقيقة وهي أن الأموال اختفت، وبالتالي، فإن هذا هو الطرح الحالي الوحيد على الطاولة، ولكن يفتشون عن طريقة للتسويق لها في الحكومة وفي المجلس النيابي، وباختصار يريدون تمرير هذا السيناريو من دون وجعة رأس”.
أمّا بالنسبة للحلول المطروحة على المستوى الإقتصادي، يوضح مارديني، أن “كل الحلول مؤجلة رغم أن الأزمة بدأت منذ 4 سنوات”، مؤكداً وجود العديد من المشاكل أبرزها:
المشكلة الأولى، أن صندوق النقد الدولي يريد “هيركات” على الودائع، والحكومة تريد “هيركات” على الودائع، ولكن مجلس النواب مربك ومحرج لأن النواب يخافون من أن ينتفض الشارع عليهم، لذلك، فإن الحل معلّق منذ 4 سنوات ولا مجال للوصول إليه.
المشكلة الثانية، تتعلّق بمصير القطاع المصرفي، لأن صندوق النقد الدولي يريد تفليس المصارف، علماً أنه إذا أفلس القطاع المصرفي، فإن المودعين سيخسرون أموالهم، فالمودع والمصرف في القارب نفسه، ما يضع الحكومة أمام خيارين: هيركات على المودعين وترك المصارف، أم التضحية بالطرفين، ولكن إذا قرّرت التضحية بالمصارف، سينعدم النمو في البلد لأنه لن يكون بالإمكان الحصول على القروض للقيام بالمشاريع والإستثمارات.
ويتابع مارديني، أن المشكلة الثالثة، تتمثل بالأداء الحكومي، إذ على الحكومة أن تخفّض نفقاتها وتتوقف عن إعطاء أي زيادات، وأن تقوم بترشيق في الإدارة العامة، وتخفّف عدد موظفيها وتنفذ إصلاحات في الإدارة، لكنها لم تقم بأي إجراء في هذا الإطار.
وعلى صعيد المشكلة الرابعة، وفق مارديني، فهي قطاع الكهرباء لجهة ضرورة فتح هذا القطاع على المنافسة من خلال تشكيل الهيئة الناظمة التي تستطيع جذب شركات جدية للدخول إلى القطاع ومنافسة شركة كهرباء لبنان، وهو ما لم يتحقّق بعد رغم كل الخطوات المتخذة من قبل الحكومة والمؤسسة.