لا تزال مختلف مستويات الحركة السياسية محلياً وما يدور خارجياً حيال لبنان يتربط بشكل وثيق بما يجري في فلسطين. ميدانياً الوضع في الجنوب متصل باستمرار الحرب على غزة، وسياسياً البحث بتطبيق القرار 1701 مرتبط بوقف هذه الحرب. هذا الموقف أعلنه رسميا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد أن أُبلغ به المبعوث الأميركي آموس هوكستين، فيما الحرب على غزة فمستمرة ولن تتوقف كما يعلن كل يوم قادة الكيان الإسرائيلي.
غير أن ما يجول في الأذهان يطرح مخاوف متزايدة من احتمال توسع القتال إلى حرب شاملة، لاسيما مع التطورات الحاصلة عند باب المندب والضربات الأميركية والبريطانية على اليمن. هذه التطورات وحدها أعطت انطباعًا بأن الأمور تتجه نحو حافة خطر نشوب حرب أوسع، بدأت اسرائيل تمهد لها بتهديدات أكبر، إذ مرر رئيس أركان جيشها أمس عبارة يمكن اعتبارها مؤشرا على نية تل أبيب بقوله “إن جنوب لبنان أصبح منطقة قتال”، فيما أعلنت القناة ١٣ الإسرائيلية بأن “الجيش الإسرائيلي بدأ عمليات استباقية على أهداف في جنوب لبنان”، كما أن حركة الموفدين الأوروبيين والأميركيين وممثلي الامم المتحدة باتجاه لبنان “لتوجيه النصح” بعدم إعطاء الاسرائيلي أي مبرر للحرب والعمل على تطبيق القرار 1701 تثير بدورها القلق لجهة كثافتها وما تعنيه من ضغوط.
في هذا السياق استبعدت مصادر مواكبة للحركة الدبلوماسية إحراز أي تقدم على خط تطبيق القرار 1701 “لأن مساعي هوكستين ما زالت تصطدم بعدة نقاط أساسية، أولها عدم وجود رئيس جمهورية قادر على تقديم إجابات واضحة بما خص القرار، والأمر الآخر رفض حزب الله التراجع ثمانية كيلومترات شمال الخط الأزرق ما لم تتعهد إسرائيل لأن تتراجع من الجهة المقابلة نفس المسافة، أما الأمر الثالث الذي يصر عليه حزب الله وترفضه إسرائيل فيقضي بوقف الحرب على غزة، الأمر الذي يعيق المساعي الدولية”.
واعتبرت المصادر أنه “لو كان هناك بوادر مشجعة لتطبيق القرار 1701 لكان على هوكستين أن يعود إلى إسرائيل لنقل الأجوبة اللبنانية وليس العودة إلى بلاده بانتظار حصول تطورات جديدة تساعد على نجاح مبادرته”.
هذه المخاوف عبّر عنها النائب بلال الحشيمي بقوله لجريدة “الأنباء” الالكترونية، “إننا كلبنانيين أصبحنا على شفير حرب شاملة”، متمنياً على حزب الله “أن يبقى متعقلاً، وأن تقدّر ايران حراجة الوضع اللبناني الذي لا يحتمل الانزلاق إلى الحرب”، وأضاف: “مين جرّب المجرّب كان عقله مخرّب، فقد رأينا ما فعلته اسرائيل بلبنان في حرب 2006، وخير مثال ما يفعله نتيناهو اليوم في غزة بدعم أميركي – انكليزي – فرنسي. ولو نظرنا الى الامور بشكل واقعي لرأينا أن نتنياهو ليس لديه ما يخسره، لأن مستقبله السياسي انتهى وهو فقط يكسب في الحرب، بينما لبنان متروك لوحده”.
ورأى الحشيمي أن “البلد بدون رئيس جمهورية وغياب رأس الدولة مشكلة أساسية، وبدل أن يكون رأينا موّحدا أصبحت أفكارنا مشتتة، فيما الجهد الأساسي يجب أن يتركز على انتخاب رئيس جمهورية كي لا نبقى على الهامش”، واعتبر أن “المفاوضات الآن محصورة برئيس المجلس نبيه بري وهو يفاوض عن حزب الله، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي يرأس حكومة تصريف أعمال غير مكتملة وغير متضامنة لا تؤهله القيام بالدور الذي قام به الرئيس فؤاد السنيورة في حرب ٢٠٠٦”، مضيفاً: “لو كانت علاقتنا بالدول العربية جيدة كما كانت في العام ٢٠٠٦ لهان الأمر كثيراً، ونحن اليوم بأمسّ الحاجة لدور عربي، لذلك يجب أن تكون العودة إلى الحضن العربي أولوية بالنسبة لنا”، رابطا الأمر “بانتخاب رئيس يكون على مسافة واحدة من الجميع ويعيد علاقات لبنان بالدول العربية الى ما كانت عليه في السابق وإلا سيبقى الوضع على حاله”.
وعليه وأمام تسارع التطورات المنذرة بمخاطر كبرى تزداد ضرورة التوافق الوطني على الملفات الأساسية والشروع بعملية سياسية مسؤولة ومرتكزة على مصلحة لبنان في هذه الظروف لدرء المخاطر