اقتصاد

الهيركات قائم حتى تعديل سعر الصرف.. وقلق من انكفاء المركزي عن “السوق”!

انتهى مفعول التعميم 151 الذي قضى بتنظيم سحب الاموال من الودائع الدولارية في المصارف نهاية العام 2023، بينما النقاش اليوم منصب عند المعنيين في البنك المركزي لإصدار تعميم بديل عنه خاصة وان مصرف لبنان يبدي استعدادا للإعلان عن منح المستفيدين من التعميم 151 مبلغ 150 دولارًا شهريًا. من المتوقع، وفق مصادر مالية صدور تعميم جديد خلال الأيام القليلة المقبلة، ريثما يتم الانتهاء من وضع آليته ويقضي بالسحب من الودائع المصرفية غير الخاضعة للتعميم 158 بالدولار الفريش بدلاً من الليرة.

ومن الواضح ان المركزي يود، بحسب ما يؤكد استاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة اللبنانية محمد موسى ل “لبنان24 ” إدخال دينامية جديدة في التعميم 151 وغيره من التعاميم. والصيغ المطروحة كثيرة ولكن ماذا عن المدة الزمنية المفتوحة للتطبيق؟ مذكرا بأن الازمة عمرها أربع سنوات، سأل: هل مالية مصرف لبنان تسمح بذلك وإلى أي مدى سوف تتجاوب المصارف ،وماذا عن سيولتها التي هي دائما على المحك؟
ويؤكد موسى ضرورة إقرار “الكابيتال كونترول” وبلا تسويف مترافقا مع تطبيق هيكلة المصارف لكي يبنى على الشيء مقتضاه. فالودائع المصرفية لا تزال تتعرض لعمليات الاقتطاع وتاليا” هيركات مقنّع، بحكم الأمر الواقع وبصرف النظر عما إذا كان التعميم 151 معلّقاً أم فاعلاً. فالهيركات سيبقى قائما إلى حين تعديل سعر الصرف الرسمي المعمول به في القطاع المصرفي أو توحيده وربما بعد إقرار الموازنة 2024.

تحدث كثيرون ان البلد يتجه الى سعر صرف موحد بعد إقرار موازنة العام 2024 ودخول منصة بلومبرغ حيز التنفيذ، علما ان المنصة ليست الا وسيلة لتنظيم العرض والطلب، ربطا بمعلومات مفادها أن هذه المنصة لن تكون معنية او مسؤولة عن انخفاض سعر الصرف او ارتفاعه وان دورها مرتبط حصرا بتعزيز الشفافية في السوق المالي.

بالنسبة الى دكتور موسى فإن منصة بلومبرغ ستكون سابقة في تاريخ المالية اللبنانية حيث سيصبح سعر الصرف خارج عن نطاق الدولة لوحدها ويتحكم به سوق العرض والطلب ومع كل ما يتضمن ذلك من محاذير، لذلك لابد من إضافة نقاط محددة تساعد على ان تؤتي المنصة الجديدة غاياتها في ضبط سعر الصرف تمهيدا لتوحيده ليتلاءم مع خطة الدولة او صندوق النقد او غيره،فمن دون سعر صرف ثابت نسبيا، يبقى الاقتصاد والمالية في مهب الرياح . ففي حال ذهب المركزي بعيدا في انكفائه عن السوق، فإنه قد يعجز لاحقا عن ضبط حركة المضاربات التي ستقود إلى مرحلة جديدة من انهيار الليرة وسوف تتصاعد المخاوف من أن تقود المضاربات سعر الصرف وليس العكس.

إن نجاح المنصة الجديدة يتطلب، وفق استاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية اعتماد الشفافية في التداولات والأرقام وحجم الصرف مع مراقبة مسارات الأرقام المحولة بدقة والتي ترسمها كل أدوات الحوكمة الصارم، وكذلك لابد من الفصل بين مسألة تمويل الدولة وعجزها من المصرف المركزي للحفاظ على الكتلة الدولارية، والبقاء على تمويل المصارف بشكل لا يعرض سوق القطع الى نكسات. مع الإشارة الى وقف طباعة العملة اللبنانية الا تحت غطاء الحاجة التي تعتمد على مسارات النمو الاقتصادي الحقيقي الملموس لعدم الوقوع في معضلة التضخم.

وبناء على ما تقدم ، يركز الدكتور موسى على الخطة المالية ويسأل ما هي الحلول للفجوة (70 مليار)الذي يتهرب منها المعنيون ؟ ماذا عن المستحقات السابقة (سندات يوروبوند وغيرها). ويبقى كل هذا الحديث سابق لأوانه، بالنسبة اليه، ما لم تحضر الثقة التي هي عنوان الحلول بالمعنى السياسي والاقتصادي. فلا رؤية واضحة لكيفية التعاطي مع الحسابات وتقييماتها والتي ستكون محل جدل تحت جملة مسميات ومن هنا تسمى الودائع ودائع والمطلوبات مطلوبات بغض النظر عن تواريخها بانتظار خطة شاملة قادرة على التطبيق والقبول والإقرار والتنفيذ، فلم يعد ممكنا ومقبولا الذهاب إلى تدابير وإجراءات مجتزأة، ليست إلا حلولا موقتة وظرفية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى