ما الذي ينتظر الحريري؟

كتب عماد مرمل في” الجمهورية”:
تشير مصادر بيت الوسط الى انّ اللافت هذه السنة ارتفاع منسوب الحماسة الشعبية لعودة الحريري، وعدم اقتصار هذه الحماسة على قواعد تيار المستقبل وإنما شمولها “البيئة الحاضنة” التي تضمّ مناصرين للحريري من خارج الأطر التنظيمية لتيار المستقبل .
وتوضح المصادر انّ المبادرات الشعبية التلقائية لاستقبال الحريري سبقت “المستقبل” في اعتبار أنّ دينامية الأرض هي أسرع من الآليات التنظيمية للأحزاب، متوقعة ان تُترجم هذه الدينامية في 14 شباط وخلال ايام وجود الحريري في لبنان.
ولكن المصادر تلفت الى انّ الحريري لم يعط بعد اي إشارة رسمية الى انّه في صدد تعديل قراره بتعليق العمل السياسي، وبالتالي لم يتبلّغ محيطه حتى الآن بأي ترتيبات جديدة تختلف عن تلك التي كانت تواكب حضوره المؤقت الى بيروت في ذكرى استشهاد والده.
وتشير المصادر الى انّ رصد نبض الأرض خلال الأيام الأخيرة يُبيّن بوضوح انّ جمهور الحريري سيحاول الضغط عليه لإقناعه بالعودة النهائية الى لبنان واستئناف نشاطه السياسي، على قاعدة انّ التجربة أظهرت أن لا بديل منه وانّ الفراغ الذي تركه لم يتمكن احد من ملئه. وتعتبر المصادر انّ السؤال حول كيف يمكن أن يتلقف الحريري رسالة 14 شباط الجماهيرية، وهل يبني عليها ام لا، انما هو امر يخصّه وحده ويعود اليه شخصياً ان يحدّد الجواب المناسب ربطاً بمقاربته للامور وتقديره للموقف. وتلاحظ المصادر انّ خصوم الحريري، على تنوعهم، هم أيضاً يفتقدونه، وباتوا مقتنعين بضرورة رجوعه الى المعترك السياسي لتصحيح الخلل في التوازن وملء الفراغ الذي تركه، علماً انّ بعض هؤلاء كانوا من المساهمين في “تطفيشه”.

وكتبت ميسم رزق في” الاخبار”: أحد نواب المستقبل السابقين سُئلَ تحت الهواء، قبلَ دخوله إلى مقابلة تلفزيونية، عن عودة الحريري، فأجاب بأن «كل الحكاية مبنيّة على فكرة أن المنطقة ذاهبة إلى تسوية كبيرة، سيكون الملف الرئاسي في لبنان جزءاً منها. والشريك الطبيعي في أيّ تسوية هو سعد الحريري».
قيادي في التيار، يتحدث منذ أسابيع عن أن الحريري «أصبحَ أكثر تفاعلاً مع قيادات التيار وعادَ تدريجياً للحديث في أمور سياسية، وهو على تواصل دائم مع جماعته»، ووصل الأمر بالبعض الى إشاعة أن الحريري «سوّى أموره العالقة مع المملكة»، مستنداً إلى دفع المؤسسات الرسمية في الرياض تعويضات موظفي شركة «سعودي أوجيه»، رغم أن هذا «إجراء قضائي لا علاقة له بالسياسة»!

وكتبت لينا فخر الدين في” الاخبار”: لكوادر في تيار المستقبل رأي آخر. يؤكّد هؤلاء أن تكبير حجر الزيارة ليس من بنات أفكار محبي الحريري وكوادر «المستقبل»، كما حصل السنة الماضية، وإنما بفعل رغبة الحريري نفسه في إحاطة زيارته بضجّة. ويستدلّون على ذلك بأسماء أعضاء الفريق الذي يُنسّق الزيارة، وعلى رأسهم رئيس جهاز الحماية الشخصية للحريري عبد العرب ومستشاره هاني حمّود اللذان يُتابعان كلّ تفاصيل الزيارة وجدول المواعيد، والتقيا فاعليّات سياسيّة واجتماعية لشد العصب الجماهيري. ولأنّ الرجلين يعدّان ظلّين للحريري، فقد ترك ذلك انطباعاً بأنّ الأخير يُشرف بنفسه على التفاصيل، وخصوصاً أن هذه اللقاءات عُقدت في بيت الوسط وليس في مكتب «التيار» ومنسّقياته.
ولكن ألا تستفزّ رغبة الحريري في الحشد الجماهيري أمام الضريح أو في بيت الوسط المملكة؟ لا يملك القريبون من «المستقبل» إجابة واضحة. فالديناميكية الحريريّة «قد تُغضب المملكة»، ومع ذلك يعتقدون بأن حماسة رئيس «المستقبل» المستجدّة لم تكن لولا إشاراتٍ وصلته من الخارج. ويُرجّحون أنها نصيحة روسيّة نقلها له مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان بعد لقائه نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، إضافة إلى تدخّلات غربيّة ووعودٍ بترتيب العلاقة مع السعودية.