مع حلول الذكرى السنوية الأولى للزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 شباط 2023
وبلغت قوة الأول 7.7 درجات على مقياس ريختر، والثاني 7.6 درجات، وتبعتهما آلاف الهزات الارتدادية العنيفة،
مما أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص وشرّد الملايين وأديا لدمار هائل في عدد من المناطق،
كان لافتا تعرّض تركيا في الفترة الأخيرة لزلزالين خلال يومين.
فيوم الخميس 25 كانون الثاني ضرب زلزال بقوة 5.3 درجات منطقة شرق تركيا،
وفق ما أفاد مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي، مُشيراً إلى أن “الزلزال وقع على عمق 10 كيلومترات”،
وأفيد بأن أهالي طرابلس شمال لبنان شعروا به.
أما يوم السبت 27 كانون الثاني فأفادت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية
بوقوع هزة أرضية بقوة 5.1 درجات قرب مدينة أوزديري التركية، ولم ترد أي أنباء بشأن وقوع أضرار جراء هذه الهزة.
وقوع هذين الزلزالين مع حلول الذكرى السنوية الأولى لزلزال “كهرمان مرعش”
المُدمر أثارت تساؤلات عديدة، من بينها: هل من علاقة بين التوقيت ووقوع الهزتين الأخيرتين؟
وهل يُمكن القول بأن الصفائح التكتونية تحرّكت؟
وهل من علاقة بين الطقس العاصف ووقوع الزلازل كما يتم الحديث مؤخرا؟
والأهم هل من داعٍ للخوف من زلزال قد يضرب لبنان قريبا؟
في هذا الإطار، يشرح الباحث والأستاذ المحاضر في الجيولوجيا
وعلم الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور طوني نمر ان “الهزات
التي حصلت مؤخرا في تركيا هي هزات ارتدادية وكان مركزها الفوالق
التي حصل فيها الزلزال المدمر في 6 شباط الماضي وهذا أمر طبيعي ومتوّقع”،
معتبرا انه ” ليس من المستبعد استمرار حصول الهزات الارتدادية لفترة طويلة تتخطّى الذكرى السنوية الأولى للزلزالين وقد تمتد لأكثر من سنة أو سنتين”.
وأكد نمر في حديث لـ “لبنان 24” ان “لا علاقة بين الذكرى السنوية الأولى
لزلزال تركيا المدمر والهزات التي تسجل مؤخرا كما لا يمكن التنبؤ بحصول الزلازل والهزات الارتدادية”.
وعن ربط البعض وقوع الزلازل بالطقس العاصف، قال نمر:
“ما يحصل من زلازل لا علاقة له مُطلقا بالعواصف والمنخفضات الجوية والعواصف
والبرق والرعد والأمطار فهي لا تؤثر على حركة الصفائح التي تؤدي إلى وقوع زلازل وبالتالي لا رابط مطلقا بين هذين العاملين”.
ماذا عن لبنان؟
وعن عودة القلق إلى نفوس اللبنانيين بعد هزات تركيا الارتدادية،
لفت نمر إلى ان “الهزات التي تحصل في تركيا وشمال سوريا ليست بعيدة جدا عن طرابلس ومن الطبيعي ان نشعر بها في لبنان”.
وتابع: “اللبنانيون خافوا كثيرا العام الماضي عندما شعروا بالزلازل
التي ضربت المنطقة ومن الطبيعي ان يشعروا بالقلق الآن ولكن ما يحصل في تركيا بعيد
عن لبنان وبالتالي لا يؤثر عليه وما من داعٍ للخوف من الهزات الارتدادية التي تضرب تركيا لأنها تبقى في محيط الزلزال الرئيسي”.
وعن الحديث عن إمكانية تحرّك فالق البحر الميت نتيجة القصف العنيف في غزة
وجنوب لبنان ما قد يؤدي لحدوث زلزال، أكد نمر ان “ما يحصل في الجنوب
وغزة لا يؤثر أبدا على حركة فالق البحر الميت، وتابع قائلا:
“أولا غزة بعيدة 100 كلم عن فالق البحر الميت وثانيا إذا لم يكن القصف
مركزا على المكان نفسه بالقرب من الفالق لا يغير هذا الأمر على حركته
وبالتالي ما يحصل في الجنوب وغزة لن يؤثر على حركة الهزات والزلازل
في المنطقة وليس هناك من تأثير مباشر للتفجيرات المتقطّعة على حركة الفالق الزلزالية”.
زلزال اسطنبول
وعما يتم التداول به من قبل علماء الجيولوجيا عن زلزال قريب قد يُهدد إسطنبول قبل ربيع الـ2024،
أشار نمر إلى ان “الحديث عن زلزال مُرتقب في إسطنبول ليس بجديد، وهناك علماء زلازل يحبون الإثارة ولكن علمياً لا يمكن توقع أو تنبؤ متى يمكن ان يحصل الزلزال”.
وتابع: “عام 1999 وقع زلزال في مدينة ازمير بالقرب من إسطنبول
ومنذ ذلك الوقت يتم التوقع سنويا بحدوث زلزال في إسطنبول
ولكن من الممكن أن يمر 25 عامًا أو 50 عاما قبل حدوث هذا الزلزال”.
وختم قائلا:
“من المتوقع حصول زلزال في المنطقة ولكن لا أحد يمكنه ان يُحدد لا التاريخ ولا الوقت وبالتالي لا يمكن الحديث عن وقوع زلزال في الربيع كما يروّج”.
إذا من البديهي ان يشعر اللبنانيون بالقلق من وقوع زلزال،
فلبنان موجود على خط زلازل ويقع ضمن فالقين جيولوجيّين أساسيّين يعبُرانه من الشمال نحو الجنوب، شرقاً فالق اليمونة الذي يمرّ في سهل البقاع بمحاذاة سلسلة لبنان الغربيّة، ومن جهة الغرب الفالق البحري الذي يمرّ بمحاذاة الشاطئ اللبناني، وتتفرع عنهما فوالق جانبية عدّة تنتشر في الأراضي المحصورة بينهما، من بينها فالق روم.
ونتيجة هذه الفوالق وتحرّكها، يكون لبنان سنوياً مسرحاً لهزاتٍ أرضيّة تندرج قوّتها بين 3 و5.6 درجات على مقياس ريختر وينتج عنها تحرّك في طبقات الأرض يبلغ مداها نحو 5 ملمترات سنوياً عمودياً وأفقيّاً”.