اقتصاد

متى تبدأ المصارف بتطبيق التعميم 166.. وماذا عن السحوبات؟

على الرغم من هزالة المبلغ المالي الذي يتيح التعميم 166 استرداده شهرياً من الحسابات المصرفية، إلا أنه يشكّل متنفّساً للكثير من المودعين، الذين حُرموا على مدار السنوات الماضية من التصرّف بودائعهم، وأجبروا على السحب منها بالليرة اللبنانية مع اقتطاعات قسرية وصلت إلى 85 في المئة من قيمة الوديعة.

يترقّب المودعون بدء المصارف بتطبيق التعميم 166 والمباشرة بسحب 150 دولاراً من ودائعهم المحتجزة، في وقت تدعي فيه بعض المصارف بعدم تبلّغها رسمياً بالتعميم المذكور من قبل مصرف لبنان. فمتى تبدأ المصارف فعلياً بتطبيق التعميم؟ وماذا عن السحوبات المالية من خارج تعاميم مصرف لبنان؟

متى يبدأ التنفيذ
تنقسم المصارف إلى فئتين لجهة التجاوب مع التعميم 166 والمباشرة بالتحضيرات اللوجستية لتطبيقه. فئة من المصارف تعجز عن تطبيق التعميم أو ترفض تطبيقه وتتذرع للمودعين بأنها لم تتبلّغ به رسمياً من قبل مصرف لبنان. كما لم يتم تحديد آلية تطبيقه بشكل دقيق. علماً أن التعميم 166 دخل حيّز التنفيذ يوم صدوره أي بدءاً من 2 شباط الحالي. وحسب الأصول، لا حاجة بمصرف لبنان لإبلاغ المصارف به رسمياً، خصوصاً ان جمعية المصارف سبق لها أن اجتمعت مع المجلس المركزي لمصرف لبنان، وتوصلت معه إلى الصيغة الحالية للتعميم قبل إصداره. ما يعني أن هناك موافقة مسبقة من قبل المصارف على الرغم من أن موافقتها أو رفضها غير مُلزم لمصرف لبنان.

أما المصارف التي تعتزم تطبيق التعميم 166، فقد بدأت بالتحضيرات اللوجستية لتطبيقه. وحسب مصدر مصرفي، فالمصارف مُلزمة بالتطبيق بصرف النظر عن موقفها من التعميم، إلا أن مدة التحضيرات التقنية تستلزم شهراً كمعدّل وسطي. وتتفاوت بين مصرف وآخر، باختلاف حجم وقدرة الفريق التقني لكل مصرف. وعليه، من المتوقع أن تبدأ المصارف بتطبيق التعميم مطلع شهر آذار المقبل.

خلاصة التعاميم
وضع مصرف لبنان للتعميم 166 شروطاً ومعايير عديدة، من شأنها تكريس التمييز بين الودائع، بشكل أو بآخر، وفرزها بين ودائع مؤهلة وأخرى غير مؤهلة. فالتعميم المذكور يسمح للمودعين بسحب 150 دولاراً من حساب واحد عائد لهم، مهما تعدّدت حساباتهم.

أجاز التعميم لأصحاب الحسابات المشتركة الاستفادة من الحساب لصالح أحد الطرفين واستفادة آخر من حساب منفصل. وقد استثنى التعميم عدة فئات من الاستفاده منه، لاسيما أولئك الذين سددوا قرضاً يفوق 300 ألف دولار من خلال تحويله بعد انطلاق أزمة 2019، وكل من تاجر بالشيكات المصرفية ومن استفاد من دولارات منصة صيرفة بأكثر من 75000 دولار.

الإجحاف بالتعميم ودولار الـ15000 ليرة
استثنى التعميم 166 أيضاً وبشكل أساسي كل المستفيدين حالياً من التعميم 158، أي أولئك الذين يستفيدون من سحب 300 دولار من حساباتهم. ولكن ثمة فئة من الودائع لم يشملها التعميم 158 وقد ارتأت المصارف أنها لا تخضع للتعميم 158 لكنها في الوقت عينه تعود لحسابات قبل تاريخ 31 تشرين الأول 2019. وبالتالي، فإنها لا تخضع للتعميم 166 الذي يحدد تاريخ الودائع التي يستهدفها والعائدة لحسابات ما بعد تشرين الأول 2019.

باختصار، ثمة ودائع عالقة اليوم بين التعميمين، وفي حين تم استبعادها من شمول التعميم 158 فإنها لا تخضع كذلك للتعميم 166. ما يعني أن شروط ومعايير التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان تساهم بشكل غير مباشر باستبعاد ودائع وترسيخها تحت خانة “غير المؤهلة”، أما التعميم 166 فمن شأنه خفض عدد الحسابات الموضوعة من قبل المصارف في خانة “غير المؤهلة”.

أمر آخر أكثر خطورة من مسألة التعاميم، يرتبط بسعر السحوبات المصرفية. فالتعاميم لا تتيح للمودع سوى سحب بضعة مئات من الدولارات من حساباته سواء 300 دولار شهرياً أو 150 دولاراً فقط وبالتالي فأي مبالغ يتم سحبها إضافة إلى تلك المسموح بها بموجب التعاميم فإنها تُحستب على اساس سعر الدولار المصرفي الذي تتمسك به المصارف من دون أي مسوغ قانوني وهو 15000 ليرة.

فالمصارف تُبقي على سعر الـ15000 ليرة على الرغم من عدم اعتماده حالياً في أي من التعاملات الرسمية. علماً أن موازنة 2024 اعتمدت عدة أسعار صرف بينها السعر الفعلي للدولار 89500 ليرة. تستمر المصارف بفرض هيركات قسري على الودائع من خلال تسعير دولار السحوبات بـ15000 ليرة أمام أعين السلطتين التشريعية والتنفيذية ومصرف لبنان، في وقت يتقاذف المعنيون مسؤولية تحديد سعر صرف جديد للسحوبات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى