صدر قانون موازنة 2024 اليوم في الجريدة الرسمية (مستند مرفق) ودخلت معه كافة الضرائب و الرسوم المعدلة حيز التنفيذ. وما هي إلا ساعات قليلة على بدء المؤسسات العامة تقاضي بدلات ورسوم المعاملات الرسمية مضاعفةً، وفق تعديلات الموازنة، حتى علت صرخة المواطنين الذين يحاولون الاستحصال على معاملات ووثائق ومصادقات رسمية.
وقد شهد اليوم عدد من المؤسسات الرسمية العاملة حشوداً وطوابير من المواطنين الرافضين ومنهم العاجزين عن سداد قيمة الرسوم الجديدة المضاعفة، والتي شكّل صدمة للكثيرين منهم.
ومن المؤسسات التي اصطف فيها أصحاب المعاملات طوابير، كانت وزارة الخارجية والمغتربين، التي -حسب المعلومات- اضطرت إلى إغلاق أحد أبوابها أمام المواطنين اليوم، بعد اعتراضهم على أسعار الطوابع المالية لتسيير معاملاتهم، وبعد وقوع حالة من الفوضى أمام الوزارة، دفع المعنيون فيها المواطنين إلى شركات التحويل المالي للاستحصال على طوابع، أو ما يحل محلها، بدلاً من تسليمهم إياها من الوزارة. وذلك تجنّباً لأي احتكاك أو مواجهة مع المواطنين في الوزارة.
طابور أمام وزارة الخارجية
ومع صدور الموازنة في الجريدة الرسمية باتت أسعار المعاملات الرسمية مضاعفة منها 10 مرات ومنها أكثر ويصل سعر بعضها إلى 100 ضعف ما كانت عليه. أما المعاملات التي تصدر عن وزارة الخارجية والمغتربين والإفادات والمصادقات وغيرها، فباتت تكلفة طابعها مليون ليرة بدلاً من 50 ألف ليرة.
ويُعرب المواطن علي ص. عن صدمته من تكلفة المعاملة التي يقف في طابور وزارة الخارجية لمصادقتها. ويقول في حديثه إلى “المدن” إن معاملته تستلزم 3 طوابع مالية، كانت تكلفتها في السابق 3000 ليرة على أساس 1000 ليرة للطابع، ثم ارتفعت إلى 150 ألف ليرة على أساس 50 ألف ليرة للطابع. أما اليوم فطُلب منه شراء الطابع نفسه بمليون ليرة. ما يعني أن تكلفة المعاملة نفسها باتت 3000000 ليرة.
عجز المواطن المذكور، وهو أستاذ في التعليم الرسمي، عن مصادقة معاملته المُكلفة جداً. وتساءل: هل من المعقول أن أحمل معي راتبي كاملاً كي أحصل على مصادقة معاملتين في الدوائر الرسمية؟ ما العمل إن كان راتبي الذي أتقاضاه من الدولة نفسها عاجز عن تغطية تكاليف معاملاتي الرسمية؟
مواطن آخر، أكرم ك. يقف في طابور وزارة الخارجية، يقول إنه سمع عن أن موازنة 2024 ضاعفت الرسوم والضرائب، لكنه لم يتوقع أن الارتفاع سيصل إلى هذا الحد. ويسأل عما يقابل تلك الرسوم الباهظة لتخليص المعاملات؟ المواطن قال إنه سيتوجه إلى إحدى شركات التحويل المالي للاستحصال عل طوابع مالية، لعلّها تكون أقل تكلفة من الوزارة، آملاً أن يكون سعر الطوابع متفاوتاً في السوق كما جرت العادة في السنوات الأخيرة.
لكن، وحسب إحدى شركات التحويل المالي Whish money، فإن رسوم المعاملات الرسمية ارتفعت جميعها بشكل متفاوت، وقد بدأ تطبيقها اليوم. ويقول أحد العاملين في مكتب الشركة إن العديد من المواطنين اعترضوا اليوم على تكلفة معاملاتهم التي ارتفعت بشكل كبير، لاسيما منها معاملات وزارة الخارجية التي تفوق تكلفتها كافة المعاملات.
بديل الطوابع المالية
وعلى الرغم من عدم توفر الطوابع المالية، فإنه يتم تأمينها من خلال الآلية التي اعتمدت في الأشهر الأخيرة، والتي تقوم على استيفاء بدل الطابع عبر شركات OMT وWestern Union وWish money، حيث يقوم صاحب المعاملة بالدخول إلى الموقع الإلكتروني لوزارة المالية ويحدّد نوع معاملته ورقمه المالي. وبالتالي، يقوم بتعبئة النموذج المُرسل إلكترونياً. وعليه، تستوفي وزارة المالية رسم الطابع المالي ويحصل المواطن على وصل بذلك يقوم محل الطابع. علماً أن النموذج المذكور يعتمد بثلاث 3 نسخة، لصاحب العلاقة ونسخة مديرية الخزينة ونسخة للإدارة المختصة التي يتم تخليص المعاملة لديها.
الطوابع الرسمية المعتمدة سابقاً لا تزال متداولة في الإدارات والمؤسسات الرسمية، ولدى المخاتير وكتّاب العدل وغيرهم. لكنها غير متوفرة بشكل دائم. لذلك يتم اعتماد المعاملات الإلكترونية كبديل عن الطوابع المالية. أما السوق السوداء للطوابع المالية فلم تتوقف يوماً. وهي قائمة على الرغم من اعتماد المعاملات الإلكترونية، لاسيما في محيط الدوائر التي تبعد جغرافياً عن فروع إحدى شركات التحويل المالي، المعتمدة رسمياً في توفير الطوابع المالية الإلكترونية.
وتتفاوت أسعار الطوابع المالية حسب حاجة المواطن إليها، وحسب ندرتها. وبذلك يخضع المواطنون لتكلفة الرسوم المضاعفة من قبل الدولة من جهة، ولابتزاز تجار السوق السوداء من جهة أخرى.
عزة الحاج حسن – المدن