“فوجئتُ اليوم بارتفاع قيمة أجور البريد من 56000 ليرة عام 2023 إلى 630 الف ليرة منها 52828 ليرة “تكاليف معالجة”. وقد تبين لي أن الحكومة مددت بتاريخ 16/11/2023 عقد “#ليبان بوست” وكلفت وزير الاتصالات تعديل جداول أسعار الخدمات البريدية “الواقعية” بالرغم من إقراره بأن حصة الدولة أصبحت بلا قيمة”! هذا ما كتبه الخبير والمستشار في شؤون الإدارة والمالية العامة والرقابة والفساد ومتابعة تطبيق القوانين غسان بيضون أمس في حسابه على منصة “إكس”، فهل تعديل الاسعار جاء بناء على موافقة وزير الاتصالات؟
بعد فشل وزارة الاتصالات في إجراء مناقصة لتلزيم شركة جديدة إدارة قطاع البريد، وبعد سنوات على انتهاء صلاحية عقد شركة “ليبان بوست”، قرر مجلس الوزراء التمديد للشركة إلى حين إجراء مزايدة رابعة وتسلّم شركة جديدة لتأمين الخدمات البريدية، وهو كان الخيار الأول الذي وضعه وزير الاتصالات في تقريره الذي سلمه الى مجلس الوزراء “تمديد العقد لشركة “ليبان بوست” من 1/6/2023 لغاية توقيع العقد مع مشغّل جديد، وتكليف وزارة الاتصالات تعديل جداول أسعار الخدمات البريدية الواقعية وذلك الى حين إطلاق المزايدة الرابعة وتسليم الفائز”.
“النهار” سألت وزير الاتصالات جوني القرم عن الموضوع، فقال: “على رغم أن مجلس الوزراء فوَّض إليّ تعديل جداول اسعار الخدمات البريدية، بيد أنني لم أعمد الى تعديلها بعد، ولا نزال في مرحلة التفاوض مع “ليبان بوست” على حصة الدولة”. وقال: “اجتمعت مع المعنيين في الشركة أول من أمس، فاستمهلوني لعرض الموضوع على مجلس ادارتهم وانا في انتظار ردهم لعرضه على مجلس شورى الدولة ومن ثم موافقة مجلس الوزراء”. ولم يشأ قرم الافصاح عن نسبة حصة الدولة التي فرضها على الشركة، إلا أنه غمز من جواب ديوان المحاسبة في هذا الشق تحديدا الذي اشار الى ان حصة الدولة يجب أن تكون نسبتها 8%.
وأكد عدم معرفته ما اذا كانت الشركة تخالف القانون برفعها الاسعار من دون موافقة وزارة الاتصالات، مشيرا الى أنه سيعرض الامر على المدير العام للوزارة للتحقيق في هذا الأمر.
أما بيضون فأكد لـ”النهار” أن “قرار مجلس الوزراء جاء في معرض البحث في موضوع مناقصة تلزيم البريد وليس تعديل الاسعار، ولكن تم تمرير عبارة تكليف وزير الاتصالات تعديل جداول اسعار الخدمات البريدية الواقعية، من دون ذكر حصة الدولة منها، علما ان الأخيرة لا يُفترض ان تفوّض الوزير منفردا وانما مجلس الوزراء مجتمعا. واللافت هو استخدام عبارة “تكاليف معالجة” في الايصال الصادر عن مكتب “ليبان بوست” والتي تعني أنها ناتجة عن مصاريف وأعباء تشغيلية بقصد إبعادها عن الوقوع تحت موجب اعطاء حصة منها للدولة”.
وانطلاقا من تجاربه مع “نهج الغش والتحوير والتزوير في صوغ قرارات مجلس الوزراء”، يرجّح بيضون ان لا علم للوزراء بتكليف الوزير قرم تعديل جداول الاسعار.
وثمة “أمر مهم إضافي وخطير” يلفت اليه بيضون، وهو “انعكاس رفع الاسعار على كلفة هذه الخدمات التي ستتحملها الادارات، وما اذا كانت موازنة 2024 قد اخذت في الاعتبار هذا الارتفاع الكبير في الاسعار. كذلك يجب ألّا ننسى الزام المكلفين بالضريبة وغيرهم من المواطنين باعتماد “ليبان بوست” في مراسلاتهم ومعاملاتهم مع وزارة المال، وانعكاس هذه الاسعار على كلفة الحصول على اخراج قيد او سجل عدلي وغيره من خلال “ليبان بوست”، والتي ستضاف الى الزيادات غير العادلة التي أُقِرت بموجب موازنة 2024، وغير المتناسبة مع قدرات المواطنين”. وكشف أن ثمة “ايرادات تحصل عليها “ليبان بوست” بالدولار، علما أن المادة 15 في قانون الموازنة نصت على ان تُستوفى بالليرة اللبنانية الحصص التي تعود للدولة اللبنانية بقصد اخراج حصة الدولة من هذه الايرادات من موجب تسديدها بالدولار”.
وإذ اعتبر أن “الموضوع مهم، خصوصا انه يتزامن مع التلاعب والتحايل في دفتر شروط تلزيم البريد بعد اعتراض هيئة الشراء العام عليه”، أشار بيضون الى أن “تعديل جداول الاسعار يحتاج الى تفاوض مع الملتزم، اي “ليبان بوست”، في حين ان الزيادات تحتاج الى تبرير”.