حوار بري التيار: “حكلي تحكلك”!
في ذروة التصعيد على الجبهة الجنوبية وعلى وقع المخاوف الاقليمية والدولية من “فلتة شوط” اسرائيلية تعيد المساعي الدبلوماسية الناشطة الى نقطة الصفر، خرج الملف الرئاسي مجددا الى دائرة الضوء مع تحرك فرنسي تمثل بلقاء قصر الصنوبر الذي شمل سفراء الخماسية المعنية بهذا الملف.
يسعى السفراء الى اعادة الزخم لمساعيهم وسط كل هذا التصعيد العسكري الذي نشهده جنوبا، ويحاول هؤلاء ايجاد آلية عمل مشترك فيما بينهم في الدرجة الاولى ومع الاطراف في الدرجة الثانية لاعطاء حراكهم الطابع الجدي بعد ان بات مجرد جولات فلكلورية على بعض المسؤولين وتحركات فردية على مستوى كل سفير. ويتبين للمطلعين ان الخماسية في مكان واهداف اسرائيل في مكان آخر، الامر الذي يُفرّغ كل تحرك مرتبط بالشأن الرئاسي من مضمونه ويتحول الى مجرد استعراضات لملء الوقت ريثما يتضح المشهد في غزة وتحديدا في رفح حيث تتجه الانظار الى المعركة الجديدة الذي سيخوضها الجيش الاسرائيلي هناك وتداعيات ذلك على مختلف الساحات وتحديدا اللبنانية.
وجريا على العادة، استغلت القوى السياسية فرصة تحرك الخماسية للبناء عليها وملاقاتها بطروحات قديمة جديدة تمثلت بالدعوة الى الحوار تمهيدا لانتخاب رئيس للبلاد، وهي خطوة لا تزال عين التينة تتمسك بها قبل الحديث عن جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس وتسعى مع المعنيين الى تسويقها لاسيما لدى الطرف المسيحي الرافض في قسم منه للحوار بالمطلق، فيما فتح التيار الوطني الحر نافذة للرئيس بري يمكن التفاوض من خلالها على رزمة الشروط التي وضعها رئيس التيار جبران باسيل للوصول معه الى التوافق. ينطلق الرئيس بري في محادثاته في الكواليس مع التيار من مبدأ “حكلي تحكلك”، فأي تنازل من قبل باسيل يفرض على بري دعمه بتنازل مقابل للوصول الى النهاية السعيدة التي ترضي الجميع. وفي السياق، يتمسك بري برئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية كخيار اساسي مع باسيل الذي قال في تصريحات سابقة إنه لا يمانع بالرجل شرط اقرار بعض المشاريع وفي مقدمها اللامركزية الادارية، على ان يكون للتيار حصة وازنة في الحكومة المقبلة تعطيه فرصة الاستثمار من خلالها داخل بيئته وتُمَكن من العودة بقوة الى الساحة بعد ان خسر رصيدا كبيرا كان حزب القوات اللبنانية أكبر المستفيدين منه.
وتحت سقف سليمان فرنجية رئيسا يُحاور الثنائي التيار الوطني الحر وخلفه النواب السنة الذين تنتظر غالبيتهم مدى جدية عودة الحريري الى الساحة اللبنانية بـ Deal اقليمي دولي يحدد مسار الحكم في الفترة المقبلة، وتاليا ما على الرئيس بري الا تحضير الاجواء لها عبر الحوارات الثنائية واعادة رص صفوف الاطراف مع اعطاء التيار الوطني الحر فرصة الدخول في هذا الاتفاق ولكن بشروط محددة تتوافق مع حجمه على الساحة المسيحية.
وفي الخلاصة كل ذلك مشروط بعاملين اساسيين:
-العامل الاول داخلي ينطلق من ضغط الثنائي على التيار للتسليم بفرنجية رئيسا قبل الحديث عن الشروط التي كان باسيل تحدث عنها سابقا، اضافة الى عودة السنية السياسية مع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري على ان ترتبط العودة ايضا بمباركة سعودية بالدرجة الاولى.
-العامل الثاني خارجي وهو الاهم نظرا لارتباطه بالجبهة الجنوبية وانعكاساتها على الملفات الداخلية، فأي مستجد على تلك الساحة ان سلبا ام ايجابا سيُقرشه حزب الله في الاستحقاقات الداخلية، وهنا تفرض لعبة التوازنات نفسها في المعادلة الرئاسية والحكومية على قاعدة التوافق الاميركي الايراني ومعه دول الخليج.
والى ان يسلك الاتفاق الدولي طريقه في الداخل، تبقى الساحة رهينة التصعيد العسكري في لعبة فرض الشروط الدولية في المنطقة.