الاستحقاق الداخلي الأشد الحاحا من كل الأولويات برز في الساعات الأخيرة مع التأكد من وقوع محظور عدم تقاضي موظفي القطاع العام بمن فيهم الأسلاك العسكرية والأمنية والمتقاعدين وسائر الموظفين لرواتبهم في نهاية شباط الحالي. ذلك ان إضراب موظفي وزارة المال مستمر ولا يبدو أنهم في وارد التراجع او خرق الإضراب من اجل توفير دفع الرواتب للموظفين في نهاية الشهر في كل الوزارات والأسلاك والدوائر الذين يقدر عددهم بـ300 الف موظف، وهو الامر الذي كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حذر منه لدى إعلانه ارجاء جلسة مجلس الوزراء في نهاية الأسبوع الماضي. وحتى لو بدأت مفاوضات مع موظفي وزارة المال هذا الأسبوع فان التأخير الحاصل في دفع الرواتب سيتمدد على الأقل لأسبوعين الفترة اللازمة لإنجاز الرواتب بما يفاقم الازمة.
واعتبر وزير المال يوسف الخليل ان “استمرار الاضراب يشكل خطرا على صرف رواتب القطاع العام مما يعيق تيسير المرفق العام وتوفير الخدمات للمواطنين، كما يشكّل خطرا على الجباية وعلى تحصيل الايرادات للخزينة، مما يهدّد الاستقرار المالي و النقدي”.
وقال “نحن لا نفرّق بتاتا بين موظّفي القطاع العام، ولكن في هذه الظروف الاستثنائية، تبقى وزارة المال الحلقة الاولى في استعادة العمل المنتظم لتأمين التمويل و تلبية حاجات الادارات كافة للقيام بمهامها، و ذلك تدريجيا، على أن يسوّى وضع جميع العاملين في الادارات العامة بالتساوي. مع الاشارة انه رغم كل الظروف القاهرة التي مرّت بها البلاد في السنوات الاخيرة، لم تتوقّف وزارة المال يوما عن مهامها في صرف الاعتمادات وتأمين الرواتب و الاجور وتلبية حاجات الادارات و المؤسسات، لأن التوقف عن العمل في وزارة المال يعني تعطيل المرفق العام بأكمله. كما ان موظفي وزارة المال عملوا دون انقطاع لتلبية طلبات كل المؤسسات والادارات العامة وصرف السلفات والتقديمات لموظفي تلك المؤسسات والادارات، فيما هم يحرمون منها. اننا نتعاطى مع الازمة بكل موضوعية للوصول الى حلول عملية ضمن الامكانيات المتاحة، تفاديا لخلق نزاعات بين الادارات العامة”.
وكان موظفو وزارة المال اعلنوا الاقفال التام، ما لم يتحقق تصحيح الاعوجاج الذي اصابهم مالياً ومعنوياً.
وجاء في بيانهم امس:
- استكمال صرف الحوافز المقرّة الموقتة التي تم اللجوء اليها كحل موقت يعوض فقط لمن لم يتوقف عن العمل كي يستطيع الاستمرار، وهذا لا يُقارن بالجهود التي بذلت ولا زالت.
- إيقاف العنجهيّة وعدم التّعرّض لنا بأي سوء «إن كان قولاً أم فِعلاً».
- أن يتحمل المسؤولية القيمون في الأسلاك العسكريّة والإداريّة كافّة على ما صدر من مرؤوسيهم وسبق ذكره آنفاً.
- أخذ الإجراءات المناسبة كي لا يُسمح لأيّ كان من اتّخاذ مباني وزارة المال مطيّة لتنفيذ مآربهم الشخصية».
وانتقد البيان، ما اسماه «متقاعدي القوى المسلحة» وبعض المدنيين الذين يتظاهرون امام وزارة المال، ويمنعون الموظفين من الدخول اليها.
الى ذلك خرج نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي عن صمته، نافيا، في بيان ان يكون هو المسؤول الوحيد عن مشروع قانون «معالجة اوضاع المصارف»، موضحا انه جهد مشترك بين مؤسسات الدولة المناط بها مسؤوليات وصلاحيات رسم وادارة سياسة القطاع العام من تنظيم وأمانة، وهو صنع بكامله من قبل مصرف لبنان آخذاً بعين الاعتبار الاتجاهات العامة لخطة تعافي القطاع المالي.