أثارت الخطة الحكومية بموضوع التعافي الإقتصادي موجة عارمة من الإنتقادات والرفض, ممّا دفع الحكومة إلى رمي الكرة في ملعب مصرف لبنان، في حين لجأ البعض إلى اجتزاء الكلام الذي قاله حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري وصوّر أن المصرف هو من معدّي الخطة رغم أن الكلام المجتزأ يؤكد بما لا يقبل الشك عدم تبنيه للخطة وأنها خطة الحكومة.
وفي هذا الإطار, يوضح الباحث الإقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي في حديث إلى “ليبانون ديبايت”, أنه “حصل إلتباس كبير جداً في موضوع خطة الحكومة ومن الواضح أن هناك تهرب من “صانعي الخطة”, وهي ليست وليدة الساعة بل أن عمرها تجاوز السنتين وتأتي في كل مرة بأوجه متعددة، ويتم رفضها إن من مجلس النواب أو الخبراء الإقتصادية لأنها ليست بواقعية وهدفها شطب أموال المودعين”.
ويشدّد على أن “الخطة الأخيرة هي من نتاج الحكومة وتحديداً من نائب رئيس الحكومة الذي نقدره ونحترمه فهو من المعدين الأساسيين للخطة”.
ويوضح أن “مصرف لبنان كان دوره تقنياً في موضوع هيكلة المصارف على اعتبار أن المصرف المركزي هو من يجيب عن الأرقام عندما تسأل الحكومة في هذا الإطار، لكن من وضع الخطة وكيفية رد الودائع وتصنيف الودائع بين مؤهلة وغير مؤهلة ومن رتب الأمور جميعها هي الحكومة اللبنانية”.
وإذ يلفت أن “الحكومة حاولت إيجاد حل لأموال المودعين في الخطة لكن هذه الحلول لاقت اعتراض، وهو يعتبر كخبير مالي أن الخطة تفتقد إلى موضوع السيولة وغير قابلة للتنفيذ”.
ويذكّر بأن “الدكتور منصوري في أكثر من مناسبة أعرب عن عدم موافقته على الخطة لأنها غير قابلة للتنفيذ وهو لا يتبناها، ولكن كمصرف مركزي بعد أن أرسلت الحكومة الخطة أعطاها الأرقام والمعطيات، وأعادها إليها طالباً أن تعرضها هي على الرأي العام لن هذه الخطة لا يمكن للمصرف أن يتبنّاها”.
ويشدّد على أن “المصرف قام بدوره التقني فقط في الموضوع،كمسؤول عن إعادة الهيكلة، وينتقد جباعي هنا جمع القانونين مع بعضهما، يجب تقديمها منفردين وبالتزامن، لأن قانون إعادة الهيكلة برأيه يجب فصله عن قوانين رد الودائع والإنتظام المالي وترتيب المسؤوليات”.
كما يشدّد على أن “المصرف المركزي له الدور الأساس في إعادة الهيكلة لأنه الجهة الأساسية المسؤولة عن إعادة الهيكلة، والحكومة يجب أن تعمل على قانون الإنتظام المالي وتتحمل جزء من المسؤولية والأزمة والحلول لرد الودائع مع المصارف ومصرف لبنان”.
ويأسف لأن السياسة المتّبعة رمي المسؤولية على المصرف المركزي فقط، وكأن هناك جهة في لبنان لا يهمها أن يعمل أحد بشكل صحيح، وكل من يفعل ذلك يتعرّض لهجوم، كأن قوى خارجية مع قوى داخلية هدفها أن لا تسير الأمور في البلد بشكل صحيح ليصل إلى الإنهيار، لإقامة قطاع مصرفي جديد على جثة المودعين وشطب الأموال والوصول إلى إفلاس المصارف من أجل استقدام مصارف جديدة يستفيدون منها بشكل شخصي”.
ويؤكد أن “منصوري والمصرف المركزي دوره في إعادة الهيكلة هو دور تقني بالتأكيد, إلا أن خطة الحكومة المرتبطة بالتوازن وكيفية رد الودائع لا علاقة للمصرف, وهو ما أوضحه منصوري، لذلك تمنّى قبل الذهاب إلى تضليل الرأي العام أن يلتفوا إلى الجزء المخفي من الحقيقة”.
وسأل جباعي, “إذا تبرّأت الحكومة من الخطة لماذا تحاول قدر المستطاع إقناع الوزراء بإقرارها والذي يؤكد أنها هي صاحبة الخطة، مطالباً بالذهاب إلى حوار بين الحكومة والمصرف المركزي والمصارف بهدف وضع خطة حقيقية وواقعية تعطي نتيجة للمودعين لأن التراشق الإعلامي لا يقدم أو يؤخر بحل الأزمة”.