لم يكن التطور التكنولوجي على الدوام يحمل في طياته إيجابيات لمستخدميه، فتحوَّل إلى وسيلة تقتل أصحابها عبر سهولة اختراقهم، وما لبنان إلَّا حالة تُثبت صحة ذلك جراء الاستهدافات الذي يقوم بها العدو الإسرائيلي في لبنان.
وفي خطابه الأخير ناشد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وللمرة الأولى، بهذه اللهجة أبناء الجنوب اللبناني لإيقاف كاميرات المراقبة ووصل به الأمر إلى حد الطلب منهم التخلي عن هواتفهم الخليوية الذكية.
لكن الأمر أبعد من ذلك بكثير فالقصة تتعدى مسألة كاميرات مراقبة وهواتف خليوية ذكية، وتذهب إلى أخطر من ذلك بحسب المحامي حسن بزي الذي كشف في حديثه لـ LebanonOn أن قضية الخروقات تعود إلى العام 2016.
في ذلك العام التزمت شركة “إنكربت” بعقد لتطوير النافعة بنظام لوحات جديدة للسيارات والآليات ودفاتر قيادة وملكية للسيارات تعتمد النظام “البيومتري”، وأطلق بزي بحثاً حول الموضوع كونه ناشطاً في مجال مكافحة الفساد حول دور هذه الشركة ليتبيَّن له بأن الشركة هي عبارة عن شركة تسويق تفتقر للقدرة على الإنتاج ، ليكتشف بزي لاحقاً بأن الشركة تريد توقيع اتفاق مع شركة هولندية مقرها في امستردام تدعى “جيمالتو”، والتي تمتلك القدرة على تغطية 80 بالمئة من حاجات السوق العالمي في هذا المجال أي أنها المُتحكمة بالسوق.
ويؤكد بزي أنه وبالتعمق بالبحث أكثر تبيَّن أن رئيس مجلس إدارة “جيمالتو” هو إسرائيلي بالإضافة إلى رئيسها التنفيذي، ولديها سجل حافل في العديد من البلدان بدعاوى ضدها بتهمة التجسس على شخصيات كبيرة خاصة في بلدان أوروبية عدة.
وعلى إثر ذلك أطلق بزي تحركاً للوقوف بوجه هذه القضية بعدما تبين له بأن “إنكربت” لم تكن صادقة في وعودها بأن يبقى النظام مغلقاً ومحصوراً بلبنان فقط، بل، إن كل بيانات اللبنانيين باتت بحوزة الشركة الهولندية، فتقدَّم بدعوى للقضاء المختص لكنها بقيت حبيسة الأدراج، فبحسب بزي فإنَّ الشركة كانت تحظى بغطاء من وزير الداخلية والبلديات آنذاك نهاد المشنوق وفريقه السياسي ، وأخذ يومها القضاء اللبناني بإدعاءات الشركة بأنَّ البيانات ستبقى محصورة بلبنان وحفظ الشكوى.
ويلفت بزي في حديثه لـ LebanonOn بأنَّه ومن يومها يرفع الصوت عالياً إلَّا أن صمَّ الآذان أوصل هذه البيانات إلى العدو الإسرائيلي، فباتت الشرائح الالكترونية الموجودة في الوثائق وسيلة للتعقب والاغتيال، حيث بات الحائز لهذه الوثائق يتجسس على نفسه ويُحدد موقعه للعدو ويُقدِّم له تقارير حول حركته اليومية.
ويؤكد بزي أنَّ الأمر لا يُعَدُّ الأول من نوعه ففي السابق تبيَّن بأن العدو نجح باختراق شبكات الانترنت والهواتف الخليوية وأوقفت السلطات اللبنانية يومها عشرات العملاء ممن أعطوا هذه البيانات للعدو الإسرائيلي، ويشدد بزي على أن كل لبنان مكشوف لدى العدو من خلال داتا الاتصالات ووثائق السوق والقيادة.
ويشير بزي في حديثه لـ LebanonOn إلى أن بإمكان أي شخص في لبنان استخدام سيارة غيره بموجب وكالة، وشراء شريحة اتصال على اسم غيره واستخدامها بغية تضليل العدو، إلَّا أنَّه وبموجب القانون لن يستطيع قيادة سيارة إلَّا بموجب رخصة سوق باسمه، وبالتالي فإنَّ العدو باستطاعته تعقب أي شخص متى أراد ذلك، لذا فإن دفاتر القيادة هي الأخطر اليوم، ويحذِّر بزي من أن الهويات اليوم ممكن أن تصبح أيضاً على غرار دفاتر القيادة، ويُشدِّد على أن اغتيال قادة المقاومة يتم نتيجة هذه الخروقات التي لو سُمِعَ صداها يوم تحدث عنها لما وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم.
في المحصِّلة، تُثبت أحجام الخروقات أن لبنان منكشف أمنياً وأنَّ كل لبناني مراقب في كل تفاصيل حياته، وبالتالي فإنَّ الحاجة اليوم باتت مُلِحَّة للقيام بورشة إصلاح وتصحيح هذه الأخطاء الفادحة، قبل فوات الأوان.