مصرف لبنان أمام تحدٍٍّ جديد.. 120 مليون دولار شهرياً للرواتب؟

يتخوف المواطنون من ارتفاع الكتلة النقدية وبالتالي انهيار الليرة من جديد مقابل الدولار، ولكن قرار مصرف لبنان الاستمرار بدفع قسم من الرواتب بالدولار سيمنع الدولار من التفلت

أثار قرار مجلس الوزراء، بزيادة رواتب موظفي القطاع العام عسكريين وإداريين ومتقاعدين، مخاوف المواطنين حول تداعيات هذه الخطوة، ومن ارتفاع الكتلة النقدية، وبالتالي انهيار الليرة من جديد مقابل الدولار على اعتبار أنها ستكون كسلسلة الرتب والرواتب التي ولّدت تداعيات سلبية يومها. إلّا أنّ قرار مصرف لبنان المركزي الاستمرار بدفع قسم من الرواتب بالدولار، سيمنع الدولار من التفلت. والسؤال اليوم هل يستطيع المصرف المركزي تأمين ١٢٠ مليون دولار شهريًا كلفة الرواتب؟

لا شكّ أنّه منذ استلام وسيم منصوري الحاكمية اعتمد سياسات نقدية أمّنت مبلغ مليار دولار احتياطي خلال ستة أشهر، ومن الممكن أنها ستكون بمثابة عامل أمان إضافي لتأمين الرواتب بالدولار لفترة طويلة مع الحفاظ على الاستقرار النقدي في السوق. ومن الواضح أنه يعتمد سياسات مدروسة عبر بيع الليرة والحصول على الدولار من السوق من دون أي مشكلة. ولكن كيف؟

بداية، عدة عوامل ساعدت منصوري على الحفاظ على سعر الصرف في السوق وتحقيق زيادات بالدولار.

أولاً، لأنه أوقف المضاربة وأصبح الجهة الوحيدة التي تحتكر الليرات وتحوّلت مهمّته إلى تزويد الصرّافين بالعملة المحلية مقابل الدولار.

ثانياً، رفض منصوري طبع الليرات، وأصرّ على عدم تسليف الدولة اللبنانية قرشاً واحداً.

ثالثاً، أصبح معظم الموظفين في القطاع الخاص يتقاضون بالعملة الأجنبية ما أدّى إلى انخفاض الطلب على الدولار.

رابعاً وأخيراً، عقد منصوري اتفاقاً مع وزارة المالية. هذا الاتفاق يفيد بشراء الدولارات من أموال الجباية التي تحصّلها صناديق وزارة المالية بالليرات اللبنانية. وبناءً على ذلك يتدخّل “المركزي” في اليوم التالي في السوق ليشتري دولارات من الصرّافين بحجم ما أجبته المالية من ليرات.

جزء من هذه الدولارات يذهب إلى الرواتب وبعض مصارفات الدولة التي هي مرتبطة ببعض الأمور الأساسية، وأما المتبقي منها فيتكوّن في مصرف لبنان كاحتياط. وعلى هذا النهج سيستمر حاكم مصرف لبنان لتأمين الزيادات للقطاع العام.

وبانتظار حلول اقتصادية شاملة تعيد لبنان إلى المسار المالي السليم، يعتبر بعض الإقتصاديين أنّ خطوات “المركزي” النقدية بتأمين السيولة من دون المس بالإيداعات تبدو أساسية في إنقاذ القطاع العام حالياً، وعودة الموظفين إلى أعمالهم بعد قرار الحكومة بزيادة الرواتب.

من جهة أخرى يؤكد الخبير الاقتصادي د. باتريك مارديني لـ”هنا لبنان” أنّ كلفة الزيادات أصبحت تفوق المبلغ الذي يحققه مصرف لبنان بالدولار شهرياً ما سيجعله بحاجة إلى المزيد من الدولارات. وبالتالي سيبقى أمامه سناريوهان: إما طباعة الليرة وشراء الدولار أو استعمال ما تبقى من الإحتياطي لديه وبالتالي سيضع ذلك الليرة أمام مخاطر الإنهيار من جديد.