ماذا يأكل اللبنانيّون؟ سؤال بات يطرح نفسه خصوصاًً مع الفضائح الغذائية التي تتوالى، وفي ظلّ غياب الرقابة في الأسواق. ففضيحة الأرز المسرطن ليست يتيمة، إذ مَن ينسى الألبان المصنّعة من الجفصين والنشا والزيوت أو حتى البهارات المخلوطة بمواد مسرطنة؟! عدا عن أنواع الأغذية التي تكتسح الأسواق والتي نجهل مصدرها وطريقة تصنيعها وماركتها.
مصادر صحيّة أشارت، عبر موقع mtv، إلى أن مشكلة الأرز المسرطن هو مثال على حجم الكارثة الموجودة في البلد على مستوى سلامة الغذاء، سائلة عن سبب تراجع الزخم الذي كان سبق وبدأت به وزارة الصحة العامة بين عامي 2014 و2016، مكرّسة سلامة الغذاء حينها عملاً يوميًّا في الوزارة.
وفي هذا السياق، تلفت المصادر إلى أن الرقابة موجودة لكنها محدودة والمطلوب تأمين دعم لوجيستي ومادي لعمل المراقبين الصحيين وزيادة عددهم كي يتمكنوا من إجراء الكشوفات الدورية وتغطية كافة المناطق اللبنانية.
بدوره، اعتبر عضو لجنة الصحّة النيابيّة النائب عبدالرحمن البزري أنّه رغم المقاييس والمعايير التي يتمّ الاستيراد على أساسها وإشراف وزارة الاقتصاد وحماية المستهلك إلا أنّه لا شكّ أنّه كلّما بقيت الدولة ضعيفة هكذا كلّما كانت الأمور متفلّتة وغير مراقبة ومنظمة، وبالتالي تزيد احتمالية عدم مطابقة الأغذية للمعايير ويزداد غضّ النظر عن دخولها إلى الأسواق.
لا عجب أنّ معدّلات السرطان في لبنان في الفترة الأخيرة هي من الأعلى في المنطقة، فذلك يعود لعوامل عدّة طبعاً، منها التدخين والتلوّث على أنواعه وغيرها ولكن، أحد أبرز العوامل هو الغذاء.
ما الحلّ إذاً؟ وكيف يحمي المواطن نفسه في ظلّ تفلّت الأسواق وغياب الرادع؟
تلفت المصادر إلى أنّ الأهم هو تفعيل الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء، بعدما كان مجلس النواب قد أقرّ قانون سلامة الغذاء في العام 2015 في خطوة مهمة تحتاج إلى متابعة، مستغربةً تعيين رئيس لهذه الهيئة من دون الأعضاء وفرق عملها كي تقوم بالدور المطلوب منها، وكي لا تصبح وكأنها لم تكن. وتشدد على ضرورة إنشاء نيابة عامة صحية للفصل في قضايا سلامة الغذاء، والجرائم المرتكبة بحق صحة اللبنانيين وسلامتهم.
من جهته، قال البزري: “على المواطن التنبّه إلى ما يشتري من بضائع. ولكن الأمر هنا لا يقتصر على المواطنين إنّما هذا أيضاً من مسؤولية الدولة ووزارة الاقتصاد وحماية المستهلك وجمعيّة التجار ومستوردي المواد الغذائية”.
في ظلّ غياب الرقابة والردع، وفي ظلّ انعدام الضمير، ولأنّنا في بلد متفلّت، يدفع اللبناني الثمن من صحّته… وعمره!