وكأن أزماتنا الكثيرة كان ينقصُها بعد مشكلة “الطوابع المختفية”…. فتوقّفت المعاملات في الإدارات الرسمية وشُلّت أمور المواطنين كما أعمال الكثيرين وفي مقدّمهم المخاتير والدوائر الرسمية والمترجمون المحلّفون وغيرهم ممّن يحتاجون في عملهم إلى طابع يُرفَقُ بأوراقهم.
حَلّت الأزمة… وتُركنا بلا حلّ، تماما كسائرِ المشكلات المجمّدة في البلد. وباتَ الطابعُ الذي إن دلّ على شيء فعلى قانونية المعاملة حتى تستوفي الدولة الرسوم والضرائب، بات اليوم واحدا من أشكال الفضائح في لبنان، الذي عرّى ما تبقّى من الدولة وجعلنا كلّنا أسرى السوق السوداء.
فالطابع الذي في الأساس تبيعهُ وزارة المال إلى المعتمدين المرخّصين، وقع في فخّ المحسوبيات، وبات كنزا ثمينًا مفقودا في الإدارات الرسمية، يتلاعبُ به عددٌ محدّد من المستفيدين في السوق السوداء بأسعارِ تفوقُ قيمته الحقيقية، إذ يصل في بعض الاحيان إلى حوالى 50 ضعفاً… والمعاملة التي في العادة تكلّف ربما 10 دولارات، باتت تضطرّ صاحبَ المعاملة إلى دفعِ 80 دولارا أقلّه. وبالتالي، تصبحُ النتيجة على الشكل الآتي: حفنةٌ من المحتكرين تشلّ مؤسّسات الدولة ومعاملاتنا، وترفعُ تكلفتها بشكلٍ خيالي، من دون أن تستفيدَ خزينةُ الدولة بشيء.
يشدّد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب رازي الحاج على أن ما يحصلُ اليوم معيبٌ وهو أشبهُ بالإذلال للبنانيين، داعيا إلى إيجاد حلّ لهذا الموضوع بعيدا من “الترقيع”، وعبر حلولٍ عصريّة ومستدامة ترتكزُ على الاستعانة بآلات الوسم بديلا عن الطوابع. ويتابع: “لم تعد هناك دولٌ في العالم تعتمدُ مثلنا على الطوابع، فهي تحوّلت إما إلى استيفاء رسم طابع على المعاملة أو من خلال وسم المعاملة بالرسم”.
ويوضح الحاج، في حديث لموقع mtv الالكتروني، أنه من خلال اعتمادِ آلاتِ الوسم، نحلّ مشكلة فقدان الطوابع من جهة، كما نوفّرُ طباعة الاوراق وبيعها، ونقضي على موضوع السوق السوداء، والأهم أنها تجعلُ إنجاز معاملات المواطنين أسهل ومن دون “بهدلة” لتأمينِ طابع.
أما بالنسبة لكلفتها فهي ليست مرتفعة، إذ يشير الحاج إلى ان الآلة الواحدة يتراوحُ سعرها بين 3 و 4 آلاف دولار، والعددُ الإجمالي الذي نحتاجه في لبنان لتوزيعه على إدارات الدولة لا يتجاوز الـ60، وبالتالي ينبغي على وزير المال أن يؤمّن المبلغَ المطلوب ويرفعَ توصيةً إلى مجلس الوزراء.
ويلفت إلى أن آلات الوسم هذه ليست أمرًا جديدًا في لبنان، فهي معتمدة في عددٍ من المتحسبيات وفي النافعة، كما أن هناك قانونًا يرعى كيفية استعمالها، وبالتالي يمكن أن تنسحبَ هذه التجربة على كل إداراتِ الدولة، بعد أن تُعدّ وزارة المال دفترَ شروطٍ وتجريَ مناقصة وفق الأصول للحصولِ على العرض الافضل.
هو حلّ لا يبدو مستحيلا، فهو مُطبّق على نحوٍ جزئي في عددٍ من المراكز، ويكفي فقط تعميمُهُ على كل الإدارات… طبعا إن كانت النيّة جدّية بتسييرِ شؤونِ الدولة والتخفيف من معاناةِ المواطنين.