من المعلوم أنّ الضربات الإسرائيلية التي تستهدف سوريا منذ سنوات وحتى الآن وآخرها على دير الزور هذا الاسبوع كانت تندرجُ تحت مبدأ “المعركة بين الحروب” الذي تتبناه تل أبيب في حربها ضدّ دمشق.
من خلال التدقيق في آخر استهدافات حصلت ضد سوريا وتحديداً ضربة دير الزور التي قيل إنه تم استهداف قيادات إيرانية فيها من بينهم قيادي في “ح.z. ب الله”، يتبين أنّ إسرائيل تهدفُ لتكريس نمط الإغتيالات أكثر من استهداف “قوافل عسكرية” أو مقرات عسكرية علنية مثلما درجت العادة.. فماذا يعني ذلك؟ وهل سيبقى نمط الإغتيالات مستمراً؟ وهل ستنفذ إسرائيل مبدأ “المعركة بين الحروب” في غزة ولبنان أيضاً؟
تقول مصادر معنية بالشؤون العسكريّة لـ“لبنان24” إنّ إنتهاء حرب إسرائيل سواء ضدّ جنوب لبنان أو غزة قد لا يعني إنكفاء إسرائيل عن ممارسة إستهدافاتٍ مختلفة في إطار حرب أمنية، وذلك عبر أدواتها المختلفة، سواء العسكريّة أو البشريّة.
وتشيرُ المصادر إلى أنّ لدى إسرائيل أدوات كثيرة يمكن أن تلجأ إليها لتنفيذ اغتيالات سواء في غزة أو لبنان، وتضيف: “قد تُعرض تل أبيب عن استخدام الطائرات المسيرة في لبنان، وقد تعود إلى الأنماط السابقة من خلال تجنيد العملاء والخروقات الأمنية التي استفادت منها استخباراتياً. لهذا السبب، فإن موجة الإغتيالات قد لا تتوقف والسبب هو أن إسرائيل قد ترى أنّ مجالات التصفية تخدمها لطمأنة نفسها على المدى الطويل. أما الأمر الأهم فهو أن أي تسوية مقبلة قد لا تنص على منع إسرائيل من تنفيذ اغتيالات أو استهدافات، وبالتالي لا ضمانات أمنية في هذا الإطار، علماً أن هذا الأمر لم يحصل بتاتاً، وهو يندرجُ في إطار حرب مستمرة”.
تلفت المصادر إلى أنّ إسرائيل حاولت مراراً في الآونة الأخيرة أن تغتال شخصيات بعينها، وهذا الأمر يمكن أن يُصبح سائداً على مستوى غزة بعد انتهاء الحرب، وأضافت: “في التحليل، فإن العقل الإسرائيليّ تبدل بعد هجمات 7 تشرين الأول من قبل حركة حماس. الحرب الأمنية التي تخوضها إسرائيل ضد غزة ستُصبح الوجهة الجديدة بعد إنتهاء الحرب، حتى أن هذا النمط سيسود في سوريا. من خلال النظرة العسكرية، يمكن توقع أن نمط الاغتيالات سيطغى أكثر.. الفرضية هذه طاغية، والهدف هو إستراتيجي وبعيد المدى”.
إستهداف أدوات إيران
قراءة التقارير الإسرائيلية بشأن مواجهة إيران في ظل حرب غزة، إنما تكشف عن أن إسرائيل تحاول تبديد أدوات إيران تدريجياً في سوريا بالتحديد. الأمرُ هذا ليس سهلاً، فما يتبين هو أن دمشق تعتبر معقلاً أساسياً للنشاط الإيراني ولمجموعات أخرى موالية لطهران.
فعلياً، تشكل سوريا مركزاً محورياً لـ”الإمدادات العسكرية واللوجستية”، كما أنها تعتبرُ نقطة عبور أساسية من إيران باتجاه لبنان. وعليه، فإنّ تركيز الإستهدافات ضد سوريا سيعني تكريس مواجهة إيران في سوريا بالدرجة الأولى عبر استهداف من هم في كنفها وخصوصاً قادة “ح.z. ب الله” الميدانيين هناك.
إزاء كل ذلك، فإن ما يتبين تلقائياً هو أنّ إسرائيل قد تنقل معاركها إلى أكثر من اتجاه جديد، والهدف الأبرز هنا هو ضرب أساس استراتيجية “وحدة الساحات”. فمن خلال تكريس أنماط اغتيالات في غزة ولبنان وسوريا وحتى في العراق، فإنّ ذلك يعني نقل الحرب من مرحلة إلى أخرى، بينما النقطة المحورية ترتبط بالتساؤلات حول آلية الرد.. فإذا كانت الحرب انتهت، فكيف سيكون الإنتقام للاغتيالات؟ هل سيكون بحربٍ جديدة أم أن مبدأ المناوشات المحدودة سيفرض نفسه مُجدداً؟