فوارق كبيرة يعيشها المجتمع اللبناني… تقرير يكشف!

سلط تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الأحد 24 آذار 2024، الضوء على جانب من الفوارق الاقتصادية والاجتماعية الصارخة التي يعيشها المجتمع اللبناني، والتي زاد من تأزيمها الأزمة الاقتصادية وانهيار عملتها، ففي الوقت الذي ينظم فيه المترفون حفلات باذخة، تخرج العديد من المظاهرات يومياً للشوارع تطالب بتحسين الأجور.

لطالما كان لبنان يتمتع بثروة مُبالَغة بالتوازي مع عدم مساواة صارخة. لكن الفجوة لم تكُن بهذا القدر من التنافر على الإطلاق.

ترتدي النساء الفراء، ويمسك الرجال بأضخم أنواع السيجار، ويهرع النوادل حاملين زجاجات التكيلا التي تكلف خمسة أضعاف الحد الأدنى الشهري للأجر في لبنان. إنها الثالثة بعد ظهر يوم سبت في حفل ما بعد التزلج في الجبال التي تغطيها الثلوج في شمال لبنان، ويبدو أن الأزمة الاقتصادية التي أعاقت البلاد لمدة أربع سنوات ليست على مرمى البصر.

تتدفق نغمات الموسيقى إلى الخارج، وكذلك الشمبانيا في الكؤوس، والواقع منسي في ذلك المطعم، بينما يرقص مئات الأشخاص -معظمهم في الثلاثينيات إلى الخمسينيات من العمر- في فترة ما بعد الظهيرة.

على بعد ثلاثين ميلاً، يحتج مئات الأساتذة في الجامعة الحكومية الوحيدة في البلاد على انخفاض رواتبهم التي تصل إلى دولارين في الساعة.

منذ عام 2019، فقدت العملة أكثر من 95% من قيمتها، واختفت مدخرات الحياة وثروات الأجيال، ووصلت عمالة الأطفال إلى مستويات قياسية ومُحِيَت الطبقة الوسطى.

بالنسبة للشعب اللبناني العادي، بدأت الصدمة تنحسر، رغم أن البقاء في الحياة اليومية اليوم يتطلب فهماً متطوراً إلى حد ما للاقتصاد، والتبديل المستمر بين أسعار الصرف المتعددة.

يظل معدل التضخم السنوي أعلى من 100%، وهو المستوى الذي كان عليه طوال القسم الأعظم من السنوات الأربع الماضية. ويواجه الأفراد والشركات فواتير المولدات باهظة الثمن؛ لأن الدولة لا توفر سوى بضع ساعات من الكهرباء يومياً.

ويعيش نحو 80% من السكان تحت خط الفقر، لكن بالنسبة للـ5 أو الـ10% من السكان الذين تمكنوا من حماية ثرواتهم -أو حتى الاستفادة مما يسميه البنك الدولي واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث- فقد أصبح الاستهلاك الواضح أكثر أهمية.

بين أيار وكانون الأول من العام الماضي، افتُتِحَ ما يقرب من 330 حانةً ومطعماً ومقهى جديداً في لبنان، وفقاً لتوني رامي، رئيس النقابة الوطنية لأصحاب المطاعم والمقاهي.

في أجزاء من بيروت، لا تفتح الحانات الراقية والمطاعم الفاخرة الجديدة -التي غالباً ما تكون أسعار قوائمها أعلى من تلك الموجودة في لندن- أبوابها باستمرار فحسب، بل هي أيضاً تعجُّ بالناس باستمرار.

أحياناً ما تتعثر النساء اللواتي يخرجن من السيارات اللامبورجيني بأحذية كريستيان لوبوتان بين الأطفال المتسولين في الشوارع.

في الجبال، تُحجَز حفلات ما بعد التزلج بالكامل وتُستبدَل تلك الأحذية باهظة الثمن بأحذية من الفراء ومعاطف من فرو الثعلب.

قال جميع من جرت معهم مقابلاتٌ في الحفل -الأشخاص الذين يديرون صناديق التحوط، والشركات الاستشارية، وشركات المجوهرات- إنهم قاموا بحماية ثرواتهم من حدة الأزمات؛ من خلال الاحتفاظ بمعظمها في الخارج.

وقال الكثيرون أيضاً إنهم قاموا منذ الانهيار بتنويع أعمالهم لتوليد إيرادات خارج لبنان.

في السياق، حذر بعض المحللين من أن اقتصاد البلاد لا يزال ضعيفاً للغاية؛ لدرجة أن تصاعد القتال بين حزب الله وإسرائيل قد يؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي إلى النصف. لكن مؤسسات الدولة الفاشلة في لبنان هي جزء من السبب وراء الثروات الطائلة للأغنياء.

وفقاً لناصر السعيدي، نائب محافظ البنك المركزي اللبناني السابق، فقد خلقت الأزمة “نظاماً مصرفياً عائداً من الموت” لأنها أدت إلى انتشار عدم الثقة في البنوك على نطاق واسع لدرجة أن الناس يتجنبونها ببساطة.

ويشعر المحللون أن كل ذلك يشير إلى شيء واحد: الفساد العميق الذي أغرق لبنان في الأزمة والذي لم يختفِ إلى الآن.

وختم السعيدي: “إن السياسيين وأعوانهم راضون عن الوضع الحالي لأنه يناسبهم. ليس عليهم إجراء أي إصلاحات، لديهم إمكانية الوصول إلى هذا الاقتصاد النقدي، ويستفيدون منه”.