خمس سنوات مرّت على الأزمة المصرفية والمالية، ولا يزال اللبنانيون يأملون باستعادة ودائعهم وأموالهم الضائعة بين دهاليز المصارف والبنك المركزي والمنظومة السياسية الحاكمة.
وفي حين لم تقرّ الحكومات المتعاقبة منذ 17 تشرين الأول 2019 الإصلاحات المالية المطلوبة للسير بخطة التعافي كإقرار قانون الـ”كابيتول كونترول” وهيكلة المصارف، يتّفق معظم الخبراء على أن الخطط التي وضعتها الحكومات المتعاقبة حمّلت عموم المودعين العبء الأساسي لخسائر البنوك، وهذا ما انتقده صندوق النقد الدولي.
وفي السياق، قالت وزيرة العدل السابقة في حكومة الرئيس حسّان دياب، ماري كلود نجم لـ”العربية.نت” إن “الوعود التي تُعطى من قبل بعض السياسيين باسترجاع ودائع اللبنانيين بالكامل كما هي، بعد مرور أكثر من أربع سنوات على الأزمة المصرفية، كذبة بدليل امتناعهم عن تنفيذ أي خطة تعافي مالي لغاية تاريخه ما سمح للقطاع المالي بتذويب الودائع وتطبيق “haircut” غير معلن عليها”.
وأردفت، “ودائع الناس تذوب يوماً بعد يوم، والخسائر تم نقلها من القطاع المصرفي (المصارف ومصرف لبنان) إلى جيوب اللبنانيين بطرق عدة، وهذه كانت الخطة البديلة الخبيثة التي اعتمدها أصحاب النفوذ السياسي والمالي لهدر جني أعمار المودعين”.
ولفتت الى أن “عدم وجود أي خطة لمواجهة الأزمة كان الخطة البديلة الخبيثة الفعلية لتذويب ودائع الناس”.
وتابعت، “تعاميم مصرف لبنان التي صدرت بعد العام 2019 وكان هدفها تمكين المودعين من سحب جزء من أموالهم وفق سعر محدد لليرة، مخالفة للقانون وساهمت بشكل كبير في تذويب الودائع”.
وأشارت نجم الى أن “نافذين من الطبقة السياسية ومصرفيين وأمنيين وقضاة استطاعوا تهريب أموالهم أو قسم منها إلى الخارج بعد انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، أي بعد انهيار المصارف”.
وأكدت أنها “تسهيلاً للمحاسبة تقدّمت آنذاك بمشروع قانون رفع السرية المصرفية عن حسابات كل من يتولى وظيفة عامة من رؤساء ووزراء ونواب وضباط وقضاة، حاليين وسابقين، أقرّته الحكومة في 5 آذار2020 ، لكن تمت مواجهتها ووُضع القانون بالأدراج، حسب قولها.
واعتبرت الوزيرة السابقة أن “الفجوة المالية أي الخسارة التي تبلغ 76 مليار دولار، كان من المفترض ـن يتحمّل مسؤوليتها بشكل أساسي من استفاد منها، لكن تم توزيعها بشكل أساسي على اللبنانيين، لاسيما أصحاب المداخيل المحدودة والمتوسطة”.
كما أكدت أن “المشروع القائم الآن يهدف إلى تحميل كامل الخسارة للدولة، أي وتحديدا الأجيال القادمة، بشكل يعفي من استفاد على سنوات من سياسيين ومصرفيين من أي مسؤولية”.
هذا ولفتت إلى “أن عدم تنفيذ الإصلاحات المطلوبة حوّل الاقتصاد اللبناني إلى اقتصاد نقدي ما سهّل عمليات تبييض الأموال”.
وأشارت إلى “أن غياب الإصلاحات حتى الآن يمنع الاستثمار في لبنان بسبب فقدان الثقة”.
وأقرت قائلة “حكومتنا تتحمّل جزءاً من المسؤولية في فشل مواجهة الأزمة، إذ وضعنا خطة للمواجهة عام 2020، لكن للأسف تم عرقلتها وشيطنتها من ثلاثة مصادر: مجلس النواب الذي تتمثّل فيه معظم القوى السياسية، مصرف لبنان وجمعية المصارف، وهؤلاء الثلاثة لديهم مصالح مشتركة في ما بينهم، وحكومتنا لم تكن تملك العضل السياسي الكافي لفرض تنفيذ هذه الخطة لا بل لم تدافع عنها بالشراسة التي كان يتمتع بها أخصامها”.
رغم ذلك أوضحت أن “قرار الحكومة السابقة تعليق دفع اليوروبوند ليس المسؤول عن الانهيار كما يصوّر، بل هو نتيجة الانهيار، وسبب الانهيار سوء إدارة القطاع المالي والمصرفي وسوء إدارة الدولة والقطاع العام وعدم قيام أجهزة الرقابة بالدور الذي كان يجب أن تقوم به”.
وأشارت إلى أن “40 بالمئة من رؤوس أموال المصارف بيد نافذين سياسيين، من هنا يُفهم سبب عرقلة خطة الحكومة السابقة”.
وأكدت أن “مسار تعطيل خطة الإصلاحات لا يزال قائماً، وبالتالي لا حلّ قريباً لاستعادة أي ودائع إذا لم يعِ الشعب اللبناني حقيقة المعركة القائمة وإذا لم تتكون مواجهة سياسية فعلية للمخطط المستمر والذي يهدف الآن بعد تذويب الودائع إلى وضع اليد على أصول الدولة”.
وختمت موضحة أنه “تم صرف 7.5 مليار دولار بين أعوام 2019 و2021 على دعم سلع ومواد أساسية مثل المحروقات والأدوية والطحين، وهذا الدعم استفاد منه طبعا الشعب اللبناني إنما استفاد منه أيضا بشكل كبير تجار المنظومة الحاكمة”.
lebanon debate