الوقت ليس مفتوحاً… استحقاقات تهدّد الإستقرار المالي؟
شعر الكثيرون بالقلق من كلام حاكم مصرف لبنان خلال لقاء ضمّ مصرفيين وممثلي قطاع خاص في مصرف لبنان، نظمه LEADERS CLUB يوم الخميس الماضي، لا سيّما أنه وضع سقفا زمنياً لحالة الإستقرار الحالية قد لا تتجاوز السنة والنصف وما تحمله الاستحقاقات الخارجية المالية من تهديد للواقع النقدي والمالي في لبنان.
فهل جاء الكلام من باب التحذير للمسؤولين في ظل الاسترخاء التي يعيشه المسؤولون إن في الحكومة أو المجلس النيابي من القيام بالاصلاحت المطلوبة قبل الوصول كارثة حقيقية؟
في هذا الإطار, يعتبر الباحث الإقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي في حديث إلى “ليبانون ديبايت” أن “حاكم مصرف لبنان أراد من الكلام الذي قاله أن يضع الأمور في نصابها ويذكر القوى السياسية بواجباتها التي عليه القيام بها سواء من مجلس نيابي أو حكومة موجودة”.
ويذكّر أن “الحلول لا يمكن أن تكون على عاتق المصرف المركزي الذي يستطيع القيام بدوره في السياسة النقدية, أما السياسة المالية الإقتصادية هي من مهام الحكومة والتشريعات اللازمة للإصلاحات هي من مهمة المجلس النيابي ومن هنا انطلق بحديثه بالتأكيد على أن الوقت ليس مفتوحاً بالنسبة إلى لبنان”.
وإذ يشير إلى الإستقرار النقدي الذي يشهده البلد في إطار إدخال البلد على السكة الصحيحة، فهو يشرح الإجراءات التي قام بها المصرف المركزي ومنها توحيد سعر الصرف في ميزانياته ومطلوباته وموجوداته وميزانية تراعي الأصول الدولية، فهذه الأمور جيدة برأيه ولكن لا يجب أن ننسى أن لدينا اقتصاد نقدي يشكل حوالي 50 % أو أكثر من مجمل هذا الإقتصاد”.
ومن هذا المنطلق يجزم, أن “الأمر بحاجة إلى مساعدة ومساهمة من الحكومة والمجلس النيابي والإصلاحات الإقتصادية التي يطالب بها المجتمع الدولي لم تتحقق حتى الساعة، لذلك يطالب دكتور جباعي أن يكون لدينا التشريعات من الكابيتال كونترول الذي يجب أن يحصل ضمن أطر واضحة، وخطة تعافي ومالي اقتصادي تعدها الحكومة من أجل الإنطلاق في السكة الصحيحة وتتعاون بها مع السياسة النقدية لمصرف المركزي”.
كما يشدّد “على وجوب وجود خطة متكاملة لحل أزمة المودعين مبنية على أسس واضحة وعلمية وأرقام صحيحة، تتعاون فيها جميعاً الحكومة والمصرف المركزي والمصارف والهيئات الإقتصادية”.
وبناء على ذلك يلفت إلى أن “حاكم المصرف كان واضحاً بأن بات علينا جميعا أن نعمل دون إضاعة للوقت، ولدينا اليوم فرصة من أجل القيام بتلك الإصلاحات لا سيّما الإقتصادية في الكهرباء والإتصالات والبنى التحتية والمرفأ وكل الأمور في البلد من أجل بناء اقتصاد فاعل وتطوير الناتج المحلي ونرفعه من 21 مليار ليعود إلى سابق عهده أو رقم قريب إليه أي 50 مليار دولار”.
وينبّه من “ضرورة النوم على حرير لنستفيق على الإستحقاقات القادمة مثل موضوع اليوروبوندز حيث يحق للدانين بعد سنة رفع دعوى في محكمة نيوورك المخولة البت بالنزاعات بمثل هذه الدعاوى، وبالتالي على الدولة جدولة ديونها الداخلية والخارجية، أي ديونها مع المصارف والخارجية من حملة سندات اليورو بوندز، لأن من شأن ذلك إعادة إعطاء ثقة بالإقتصاد اللبناني لأن مجرد جدولة الديون وإعادة جدولتها يضعنا على سكة مالية صحيحة، ونثبت للمجتمع الدولي أننا دولة متهربة من الدفع بل دولة تتحمل مسؤولياتها ضمن خطط واقعية تحتم كيفية الرد”.
ولا يظن أن “كلام الدكتور منصوري هو من باب التهويل بل بالعكس لوضع الأمور في نصابها ولتذكير كل طرف بمسؤولياته، وهو كلام منطقي وعلمي ليترافق مع خطط واضحة لأن التأخير فيها لن يسمح بالمساعدات الخارجية سواء من المجتمع الدولي أو العربي”.
ويتشدّد “في طلب الإصلاحات حيث يمكن للدولة أن تذهب إلى تفعيل نشاطها الإقتصادي وإعادة هيكلة القطاع العام وتفعيل انتاجية مؤسسات الدولة عبر الـBOT والشراكة بين القطاعين العام والخاص والإصلاحات في الكهرباء والبنى التحتية، لكن من المفترض أن تكون هناك قرارات واضحة تثبت نية لبنان والقوى السياسية للمعالجة”.
ويرفض “رمي الكرة في ملعب المصرف المركزي فقط، فهو لن يستطيع حل كل المشاكل الإقتصادية والمالية بالبلد فهو لن يستطيع أن يفعل كل شيئ وإن كان يستطيع الحفاظ اليوم على الاستقرار النقدي أو إصدار تعاميم لحل جزئي لأزمة المودعين لكن نحن بحاجة إلى خطط واضحة ومن هنا انطلق كلام الدكتور منصوري”.
وتمنى الدكتور جباعي, أن “تتماشى القوى السياسية مع هذا الأمر وعدم إضاعة الوقت والتعامل مع المصرف المركزي لإيجاد الحلول اللازمة بما فيه مصلحة البلد من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والمالية”.