أزمة النفايات تطل برأسها من جديد.. هل ستعود مشهدية الـ 2015؟
يومًا بعد يوم، يقترب مطمر الكوستا برافا من لحظة الإنفجار، مناشدات، اتصالات، وتحركات، كلها هبّت مرة واحدة مع اقتراب المطمر من الوصول إلى قدرتة الإستيعابية، ليعلن معه أزمة نفايات جديدة قد تعيد إلينا مشهدية أكياس النفايات التي اجتاحات الشوارع اللبنانية.
عمليًا علم “لبنان24” أن المطمر على وشك أن يصل إلى ذروته، مع امتلاء المساحة المخصصة لطمر النفايات، والتي تبلغ حوالي 167 مترًا مربعًا، إذ تم اختياره كحل بديل عن مطمر الناعمة الذي تم إغلاقه عام 2019 بعد 15 عامًا من استقبال النفايات، وذلك ليكون مركزًا أساسيًا لاستقبال النفايات المنزلية من قضاءي بعبدا والشويفات، وعندما لم يتم التوصل إلى حلّ بشأن قرى عاليه والشوف، أُخذ آنذاك القرار بضمهما إلى خطة المطمر، وهذا ما سارع عملية امتلاء المطمر بالنفايات، إذ كان من المستحيل أن تستمر قرى وبلدات الشوف وعاليه بعملية حرق النفايات التي جوبهت بحملات ميدانية من قبل الاهالي نسبة لخطورة هذه الخطوة.
حسب أرقام “لبنان24” فإن المطمر يستقبل بشكل يومي ما يقارب الـ 5515 طنًا من النفايات، وما زاد الكمية منذ افتتاح المطمر تتلخص بالنفايات الكبيرة التي تتكدّس جرّاء ارتفاع وتيرة النزوح السوري، وتمركز مجموعات كبيرة منهم في أحياء بيروت، والشويفات، كذلك داخل قرى قضاءي عاليه والشوف، علمًا أن معظم رؤساء البلديات رفعوا الصوت عاليًا، وشدّدوا أمام موفدي الجمعيات الدولية أن النزوح ساهم وبشكل واضح وعلني في ارتفاع كمية النفايات التي يتم دفع ثمن نقلها الملايين من الليرات، لا سيما في ظل أوضاع صعبة من الناحية المالية تعاني منها البلديات.
إلا أنّه وعلى الرغم من صعوبة إدارة الملف، وعلى الرغم من الكميات الكبيرة من النفايات التي تدخل إلى المطمر بشكل يومي، فإنّه وحتى هذه اللحظة لا تزال عملية دفن النفايات تتم وفق الأصول والمعايير الفنية والصحية.
وزاريًا العمل بدأ
على صعيد وزارة البيئة، لم يفوّت وزير البيئة ناصر ياسين فرصةً إلا وعرض العديد من الحلول التي من المتوقع أن تناقشها الحكومة في أقرب وقت ممكن، تضمن عملية التوصل إلى حلٍ يحول دون الوصول إلى الكارثة التي تحذّر منها الجهات المعنية.
في هذا الصدد أشارت مصادر وزارة البيئة خلال اتصال عبر “لبنان24” إلى أن الوزير ياسين عقد اجتماعًا مع اللجنة البيئية النيابية، إذ تقرّر خلال الاجتماع أخذ خطوات يهدف من خلالها إلى تخفيف الضغط عن مطمر الكوستا برافا، خاصة بعد زيادة قضاءي الشوف وعاليه، وهذا ما طالب به أصلا اتحاد بلديات الضاحية.
وفي هذا السياق أشارت المصادر إلى أنّ الوزارة ستسعى إلى تأمين حلول خاصة لنفايات منطقة عاليه، كما وسيتم تأمين عملية تطوير وتأهيل معمل الفرز في السويجاني، والذي من المتوقع أن يستقبل نفايات الشوف فقط، وهذا من شأنه أن يخفّف بشكل كبير كميات النفايات التي يتم إرسالها إلى مطمر الكوستا برافا.
أما عن معمل الفرز في العمروسية، فقد اكّدت مصادر وزارة البيئة لـ”لبنان 24″ أن التواصل سيتم مع مجلس الإنماء والإعمار، حيث ان توقف المعمل هو بسبب نقص التمويل، وبالتالي في حال تأمين التمويل فإنّ هذا من شأنه أن يخفف بشكل كبير أيضا كميات النفايات التي يتم إرسالها إلى المطمر.
نفايات مقابل أموال
على مقلب آخر، لم تقف البلديات متفرجة، وإن أثّرت الأزمة المالية على البعض منها. فمشاريع عدّة قامت بها مئات البلديات بالتعاون مع الوزارات المعنية ساهمت بتخفيف العبء عن المطامر، وتجلى ذلك من خلال خططٍ عديدة كحثّ المواطنين على البدء بعملية الفرز، والاستفادة من نفاياتهم عبر بيعها، وهذا ما ولّد مبادرات فردية لمواطنين عاطلين عن العمل، تمكنوا من خلالها فتح مصدر رزق جديد.
أحمد هو واحدٌ من هؤلاء الشباب، الذين قرروا منذ حوالي العامين تقريبًا عقب تكدّس النفايات في بلدته أن يقوم بخطوة يخفف عبرها عبء النفايات عن البلدية، ويستفيد من الأمر في الوقت نفسه، إذ قال لـ”لبنان24″ أنّه يقوم بجولات يومية على مختلف المستوعبات ويجمع منها الكراتين والبلاستيك وكلّ ما يمكن تدويره.. هكذا وعلى مدار سنة ونصف السنة استطاع أن يوفّر على بلديته أكثر من 50% من بدل رسوم نقل النفايات، وتمكن من ايجاد عمل خاص له.
إصرار أحمد دفع البلدية لمساعدته عبر الطلب من المواطنين أن يفرزوا نفاياتهم ليستلمها أحمد مقابل سعر معيّن.. واليوم تمكن من فتح باب رزق ووفّر فرص عمل لثلاثة شبان من بلدته بدأوا يعاونوه بشكل يوميّ.
الأمر نفسه، حاول رئيس بلدية مجدلبعنا في قضاء عاليه روزبا عبد الخالق القيام به، إنّما بمشروع أكبر من خلال عزمه على إنشاء معمل للنفايات، إذ يقول لـ”لبنان24″ أن المجلس البلدي اتخذ القرار بإنشاء معمل فرز يستوعب حوالي الـ25 طنا من النفايات، علمًا أن كمية النفايات في البلدة تصل إلى 7 أطنان في الشتاء وترتفع إلى 15 طن في الصيف بسبب الاصطياف في البلدة الجبلية.
مشروع عبدالخالق لم يقتصر فقط على مجدلبعنا، لا بل في حال أبصر النور سيشمل عددًا آخر من القرى، إذ إنّ المعمل الذي أشرف عليه الخبراء والذي يمتد على مساحة 2000 متر سيكون حلاً مستدامًا ومصدرًا هامًا لإدخال الأموال إلى خزينة البلدية، عبر استقطاب نفايات البلدات المجاورة، وتخفيف الضغط عن المطامر.
ولكن، ولسوء الحظّ، لم تشغّل بعد الآلات داخل المعمل، على الرغم من الوصول إلى مراحل متقدمة، فالدعم الماديّ مفقود، والبلدية لا تستطيع لوحدها أن تتحمل كلفة التشغيل.
المشاريع تتوسع
وعلى طول الأراضي اللبنانية، برز العديد من المبادرات الفردية التي كانت بقسمٍ كبير منها تستهدف تنظيف القرى، وتحقيق الأرباح في الوقت نفسه، كأحد المشاريع الموجودة على أطراف بيروت، وهو يتمثل بأن يسلم المواطنون النفايات القابلة للتدوير في مقابل الحصول على بدل عن كل كيلو غرام وفق أسعار محدّدة سلفًا. وقد أشار صاحب المشروع بيار بعقليني لـ”لبنان24″ أن الهدف من هذا الأمر توفير مبالغ كبيرة على الدولة لناحية دفعها مقابل طمر النفايات، وبدل ذلك يتم إعطاء هذه الأموال للمواطنين للإستفادة من النفايات.
وأوضح بعقليني أن الأمر قوبل بإيجابية كبيرة لدى المواطنين، ونحن بصدد توسيع المراكز، إذ هناك مركز في المدينة الصناعية في بيروت، وفي الصالومي، وجبيل، وسد البوشرية.
وأكّد بعقليني أن خلال سنتين فقط استطاع مركزان أن يفرزا ما يقارب 800 طن تقريبا مصدرها 40 ألف مواطن توجه إلى المركز.
وعن الأسعار أكّد بعقليني أن الامر يختلف بين الورق والكرتون والحديد والبلاستيك، فكلما كانت عملية الفرز نظيفة كلما ارتفعت الاسعار، وهذا ما ساهم بتعليم المواطنين أسلوب الفرز بطريقة صحيحة ومستدامة.