على رغم من أن لبنان حلّ في المرتبة الـ19 في العالم والثانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لجهة إحتياطاته من الذهب، لم يتم اللجوء إلى هذا الإحتياطي لمساعدة لبنان للخروج من أزمتة المالية والنقدية التي تعصف به من عام 2019.
ليبقى السؤال: لماذا لم يستخدم إحتياطي الذهب في معالجة الأزمة؟ ومتى يمكن استخدامه؟
في قراءة للخبير في المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد محمد فحيلي لموضوع إحتياطي لبنان من الذهب، رأى أن الذهب المتوفر لدى لبنان أرادوه الذين اشتروه في السابق ان يكون “قرش لبنان الأبيض ليومه الاسود”، واليوم لبنان يعاني من الأيام السوداء التي هي من صناعة الطبقة السياسية الفاسدة والفاشلة والتي تحكم لبنان من سنوات طويلة ولا تعطي أي إهتمام لإدارة فاعلة وشفافة للمالية العامة”.
ووفقاً لفحيلي “نحن اليوم في مرحلة فقدنا فيها الثقة بالطبقة السياسية الحاكمة، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكن ان نعطي الصلاحيات لبيع جزء من الذهب لهذه الطبقة السياسية الفاسدة؟، بالتأكيد هذا ليس ممكناً”.
وإذ يؤيّد فحيلي، فكرة تسييل جزء من الذهب لإنقاذ لبنان، رأى أن “إنقاذ لبنان يكون عبر تفعيل الحركة الإقتصادية وما قد ينتج عنها من إيجابيات وليس عبر تأمين أموال المودعين وحزام أمان إجتماعي وسد عجز ميزانية الدولة وتأمين السيولة لتحسين رواتب موظفي القطاع العام”.
ومن إيجابيات تفعيل الحركة الإقتصادية كما يقول فحيلي “تحسّن الناتج المحلي وخلق فرص عمل جديدة للشباب والأشخاص الذين فقدوا وظائفهم بسبب إقفال بعض المؤسسات التجارية، كما أن تفعيل العجلة الإقتصادية ينتج إيرادات للدولة عن طريق تحصيل الضرائب والرسوم”.
وشدد فحيلي على “ضرورة أن يكون أي توجه لتسييل جزء من الذهب إستعماله إستثماري وليس لتسديد مصاريف تشغيلية وليس لإنقاذ الطبقة السياسية من فشلها”، كاشفاً أن “فكرة تسييل جزء من الذهب لا تلاقي إقبال وترحيب من قبل الكثيرين بسبب الخوف من تسليم الطبقة التي هدرت المال العام وأساءت إدارة المال العام صلاحيات بيع جزء من الذهب”.
وشدد فحيلي على أن “الذهب يخضع إلى تقلبات كبيرة في أسعاره ويمكن إغتنام الفرصة عندما يكون سعر الذهب جيداً بتسييل جزء منه، واليوم سعر الذهب مرتفع بشكل ملحوظ وهناك توقعات أن ينخفض سعره في الفترة المقبلة حتى يصل إلى 2000 دولار”.
ويتوقع فحيلي “بعد التوجه لحركة تصحيحية في سعر الذهب وانخفاضه إلى حدود الـ 2000 دولار ان يعود سعره إلى الإرتفاع لأن الذهب خلال الـ 18 شهراً الماضين ارتفع بحدود الألف دولار، أي أن المسار العام لأسعار الذهب تصاعدي، وهذا أمر إيجابي”.
وإذ سأل فحيلي: “كم يمكننا أن ننتظر كي نتمكن من إستثمار جزء من هذا الذهب؟”، شدد على “ضرورة أن يكون قرار تسييل جزء من الذهب يخدم الهدف الذي يتّخذ من أجله وهو إنقاذ لبنان وتفعيل العجلة الإقتصادية وخلق فرص عمل وخلق مساحة أوسع للدولة لتحصيل الإيرادات”.