مضاربات “الدولار المصرفي” تزيد التداول بالشيكات!

كتبت الأخبار: في أول شهرين من السنة الجارية، سجّل ارتفاع في عدد الشيكات المتقاصّة بنسبة 411% مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، بالإضافة إلى ارتفاع في قيمتها أيضاً. وفي نهاية شباط 2024، بلغ عدد الشيكات المُتقاصّة 475 ألفاً، مقابل 93 ألفاً، بحسب Blominvest.يرجّح أن هذا الارتفاع يعود جزئياً إلى النقاش بشأن تعديل سعر الدولار المصرفي الذي بنيت عليه توقعات في السوق بارتفاع قيمة الشيكات المصرفية بالدولار، ما حفّز المضاربات المتصلة بالشيكات. ويظهر ذلك في ارتفاع القيمة التراكمية للشيكات المُتقاصة بالعملات الأجنبية من 1,071 مليون دولار بحلول شباط 2023 إلى 3,730 ملايين دولار بحلول شباط 2024. لكن لارتفاع قيمة الشيكات المتقاصة بالليرة من 9 تريليونات ليرة إلى نحو 77 تريليون ليرة تفسير آخر، إذ يتزامن ذلك مع انخفاض حجم الكتلة النقدية في التداول، ما نجم عنه زيادة في الطلب على الليرة. بمعنى آخر، الشحّ بالليرة النقدية في السوق أسهم في ارتفاع حجم التداول عبر الشيكات بالليرة. وهو أمر أسهم فيه ارتفاع حجم الضرائب بالليرة، الذي زاد الحاجة إلى الليرة، وهو ما جعل دافعي الضرائب يلجأون إلى الشيكات بالليرة.
يفسّر بلوم انفست هذا الارتفاع في قيمة الشيكات وعددها، بأنه يعود إلى إصدار مصرف لبنان التعميم 165 الذي سمح للمودعين بالدفع عبر الشيكات اعتباراً من 1 حزيران 2023، طالما أن حساباتهم إما بالدولار الأميركي «الفريش» أو بالليرة اللبنانية. وقد أدخل مصرف لبنان نظام مقاصة جديداً مختلفاً عن النظام المخصص لودائع ما قبل الأزمة، إلا أن هذا الإجراء لم يكن المؤثّر الأساسي في ارتفاع حجم الشيكات المُتقاصّة، إذ إنه في شباط 2024، بلغ العدد التراكمي للشيكات الصادرة من حسابات جديدة (فريش) 2,627 (من أصل 475 ألفاً)، منها 1,847 شيكاً بعملة الدولار الأميركي بقيمة 19.41 مليون دولار و780 شيكاً بالعملة اللبنانية بقيمة 1,311 مليار ليرة لبنانية.

يحاول القطاع المصرفي ربط هذا التطوّر في حركة الشيكات بأنه خطوة في مسار التخلّص من اقتصاد الكاش ربطاً بمطلب وزارة الخزانة الأميركية المتكرّر من مصرف لبنان لإيجاد حلّ لموضوع اقتصاد الكاش، الذي توسّع بشكل كبير بعد انهيار القطاع وتقلّص دوره إلى حدّ كبير. عملياً، يعيق اقتصاد الكاش أهداف وزارة الخزانة الأميركية في تتبّع المعاملات المالية بالدولار في جميع أنحاء العالم. لكن، على عكس ما يدّعي القطاع المصرفي، لا يشير ارتفاع حجم الشيكات المُتقاصّة إلى استبدال نظام الكاش بالنظام المصرفي. فالثقة بالنظام لا تزال مفقودة، ومعظم العمليات الداخلية لا تُقام عبر المصارف. والارتفاع في حجم الشيكات المُتقاصّة ليس أكثر من محاولة اللاعبين في السوق الاستفادة من فرصة الأرباح التي يمكن أن يجنوها من التغيّر في أسعار الشيكات.