على وقع التوتر الأمني الذي لم يتوقف عند حدود جريمة خطف وقتل باسكال سليمان في جبيل، تنقلت التوترات التي بعضها تركّز على استهداف النازحين السوريين في عدد من المناطق اللبنانية، في حين قفزت إلى الواجهة حادثة الإعتداء على مركز الحزب السوري القومي الإجتماعي في جديتا وبعدها بيوم حرق سيارة إسعاف تابعة له في بيصور، ما أدّى إلى خلق مزيد من البلبلة والتوتر والخوف.
ترى بعض المصادر الأمنية أنّ “جميع هذه الأحداث تدعو إلى القلق والريبة من مشاريع العبث بالأمن في لبنان وتهديد استقراره واستغلال التطورات الأخيرة لإثارة النعرات”.
ويدور الكلام عن فراغ أمني قائم، وطبعًا أنّ الوضع مثير للقلق، خصوصًا وأنّ السلطات اللبنانية عاجزة عن إيجاد حل، نظرًا إلى انقسام الموقف الرسمي والسياسي الوطني الداخلي في بعض الملفات.
وعلى الرغم من كل ذلك، ما زالت بعض الجهات تدعو مشددة على عدم الإنجرار إلى أي نوع من ردات الفعل التي من شأنها أن تهز الإستقرار وتعرض السلم الأهلي للخطر.
فهل تستطيع الأجهزة اللبنانية السيطرة على الوضع أم سنشهد تطورًا للأحداث؟
وفي حديثٍ خاص مع وزير الداخلية السابق مروان شربل أكدّ لموقع “الكلمة أونلاين” أنّه “أوّلاً، يجب تهدئة النفوس، الأمر الذي يبدأ من الحملات الإعلامية المكثفة، فعند حدوث أي موضوع أو حدث يجب معرفة كيفية التعاطي واختيار الكلمات لعدم شحن النفوس”.
وتابع: “ثانيًا، الأجهزة الأمنية حاضرة ولكنّها بمفردها لا تستطيع القيام بكافة الأمور، فلا وجود لفلتان أمني اليوم في لبنان، ولكن ثمة أمور تحدث بسبب الخلافات السياسية وانعدام ثقتهم ببعضهم البعض، ما يخلق جو من التوتر والحقد في الشارع اللبناني ويؤدي إلى حصول هذه التوترات اليومية”.
واعتبر شربل أنّه “بإمكان الأجهزة الأمنية الوقوف على رجليها، على الرغم من الصعوبات الإقتصادية والإجتماعية والرواتب الضئيلة، ولكن على الجهات السياسية مساندتها والتخفيف عنها من خلال كيفية التعاطي مع تصريحاتها السياسية، ومن خلال ترك الدور لهم فيما يخص المسائل المتعلقة بالجرائم التي تحصل، فعلى سبيل المثال الحادثة التي حصلت في جبيل تعكس كيفية تعاطي القوى الأمنية و تلبيتها السريعة للنداء، وإيجابية تحركها، التي بدورها تفادت حدوث الكثير من الأمور”.
وأوضح أنّ “الفضل يعود للأجهزة الأمنية، وعلينا أن نتعاون معها بكافة متطلباتها، وفي المقابل، عليها هي أيضًا أن تأخذ كافة الإحتياطات اللازمة والكاملة وأن تعمل للقضاء على الجريمة قبل أن تحصل وقبل أن تتوتر الأجواء”.
كما وشدّد شربل على “ضرورة التنسيق بين الأجهزة الأمنية وبين المتعاطين في السياسة ووضع كامل ثقتهم بالأجهزة الأمنية وعدم الفصل بأنّ هذا الجهاز يخدم طرف دون آخر”.
ورأى أنّ “الأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها، فمن المعيب أن يوجه لها أي انتقاد، وفي حال صدر عن هذه الجهة أي خطأ فهناك من يحاسبها في القضاء، رافضًا فكرة محاسبتها من خلال الإعلام وتهبيط حتّى معنوياتها، معارضًا تشويه سمعتها، اعتقادًا بأنّه ليس هناك من يدافع عنها، فهذه الحلقة هي التي تمسك بذمام البلد، وفي حال دمرت هذه الحلقة فهنا تكمن الخطورة الأكبر”.