تشير توصيات دليل مشاهدة الكسوف المنشور في موقع مجلة “جاما”، أن مشاهدة الكسوف الجزئي للشمس بعين مجردة من دون نظارات واقية، ولو لبضع ثوان، يمكن أن تلحق الضرر بالعين وتؤثر على النظر بشكل موقت أو دائم.
و”جاما” هي مجلة طبية تخضع لمراجعة النظراء وتصدرها 48 مرة سنويا الجمعية. ويشاع أنه أثناء الكسوف الكلي، من الآمن رؤية الكسوف بالعين المجردة، لكن الخبراء يحذرون من ذلك. والكسوف الكلي هو المرحلة حين يحجب فيها القمر الشمس تماما.
ويستمر الكسوف الكلي بين دقيقة و3 دقائق فقط بناءً على الموقع الجغرافي، ويمكن أن يظهر ضوء الشمس الساطع فجأة مع استمرار القمر في التحرك.
كيف يحدث الضرر؟
مخاريط شبكية العين البشرية حساسة للغاية للضوء. وخلال ظروف النهار، تنقبض القزحية بحيث لا تمر سوى كمية صغيرة وآمنة من الضوء عبر العدسة ثم تصل إلى شبكية العين. وبما أن قرص الشمس ساطع للغاية فإن أي جزء صغير من ضوئها يمكن أن يلحق الضرر بالعين إذا نظرنا إليها مباشرة، وفق موقع “ناسا”.
ومعروف أنه عند النظر مباشرة إلى قرص الشمس، تنقبض حدقة العين بشكل لاإرادي، ما يحمي القرنية والشبكية معا، ولكن في حالة الكسوف، لا يحدث ذلك الانقباض وتستوعب العين أشعة الشمس فوق البنفسجية، التي تمر عبر ظل القمر دون أن نحس بها، وبالتالي يحدث الضرر.
ومخاريط الشبكية هي الخلايا المستقبلة للضوء في شبكية العين والتي تعمل بشكل فعال خلال التعرض للضوء الساطع وتساعد في إدراك الألوان، أما القزحية فهي المنطقة الزرقاء أو البنية التي تحيط ببؤبؤ العين.
وقال طبيب العيون في سانت لويس في الولايات المتحدة جيسون بي برينتون، في حديث لشبكة “سي.بي.أس” إن النظر إلى الشمس – حتى عندما تكون مغطاة كما يحدث أثناء الكسوف – يمكن أن يسبب ضررًا للعين.
من جانبه، قال يحيى حشاد، أخصائي شبكية العيون والمدير الطبي لشركة معنيّة بصحة العيون، إنه لا توجد “جرعة آمنة” من الأشعة فوق البنفسجية الشمسية أو الأشعة تحت الحمراء.
وأكد أن “قسطا صغيرا جدا من تلك الأشعة يمكن أن يسبب ضررا لبعض الناس”. وكشف أن ذلك الخطر هو ما جعل الأخصائيين يوصون بارتداء نظارات واقية خلال الكسوف.
والنظر إلى الشمس أثناء الكسوف من دون حماية يمكن أن يؤدي إلى تلف العين بشكل دائم، وفق صحيفة “أوستن أميركان ستيتسمان”. وحتى نظرة خاطفة بلا حماية مناسبة يمكن أن تسبب ضررًا موقتًا أو دائمًا للقرنية أو شبكية العين.
والنظارات الشمسية ليست كافية، فأنت بحاجة إلى نظارات كسوف الشمس المعتمدة، والتي تحجب ضوء الشمس بمقدار 1000 مرة أكثر، من النظارات الشمسية العادية. وقال الدكتور رالف تشو من جامعة واترلو في كندا على موقعه على الإنترنت “إن تعرض شبكية العين للضوء المرئي المكثف يسبب ضررا للخلايا العصية والمخروطية الحساسة للضوء”.
وتابع “يثير الضوء سلسلة من التفاعلات الكيميائية المعقدة داخل الخلايا مما يضر بقدرتها على الاستجابة للمحفز البصري، وفي الحالات القصوى، يمكن أن يدمرها”.
عمى الكسوف
السبب الأكثر شيوعا لعمى الكسوف، هو اعتلال الشبكية الشمسي، الناجم عن مشاهدة كسوف الشمس.
ويعتقد أن كسوف 2017، الذي مر من ولاية أوريغون إلى ولاية ساوث كارولينا في الولايات المتحدة، قد تسبب في حوالي 100 حالة، وفقا للجمعية الفلكية الأميركية، من بين ما يقدر بنحو 150 مليون شخص شهدوه. ولكن بما أن اعتلال الشبكية الشمسي لا يسبب العمى الكامل، فإن العديد من الأشخاص الذين يعانون من حالات بسيطة ربما لم يبلغوا عنه مطلقًا أو حتى عرفوا أنهم مصابون به.
العوارض
قد لا تظهر العوارض لساعات، لأن ألم النظر إلى الشمس ليس فورياً، وينطبق الشيء نفسه على الكسوف. وقد لا يعرف شخص ما أنه يعاني من اعتلال الشبكية الشمسي إلا بعد ساعات من التعرض، وفقًا للمركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية.
وقالت الأكاديمية الأميركية لطب العيون إن العوارض البصرية تبدأ عادة خلال بضع إلى 6 ساعات ولكن يمكن أن يعاني منها البعض بعد 12 ساعة.
وفقًا لذات الأكاديمية، تتلخص عوارض تلف العين التي يمكن أن يلاحظها الشخص بعد التحديق في الشمس في رؤية ضبابية، وصداع، ونقطة عمياء في الرؤية المركزية في إحدى العينين أو كلتيهما، وزيادة الحساسية للضوء، ورؤية مشوشة مثل ظهور خط مستقيم منحنيًاو تغييرات في الطريقة التي نرى بها الألوان.
ويجب أن تتوافق “نظارات الكسوف” مع معايير السلامة الدولية ISO 12312-2، وفقًا لوكالة ناسا، ويجب أن تحمل علامة “ISO” مطبوعة عليها لإظهار امتثالها.
هل سبق وأن أشعلت حريقا باستخدام عدسة مكبرة لتركيز ضوء الشمس على نقطة ما؟ أوضحت الأكاديمية الأميركية لطب العيون أن عدسة العين تفعل الشيء نفسه عندما تركز الضوء الذي تراه على شبكية العين في الجزء الخلفي من عينك.
وشبكية العين هي الجزء الذي يستشعر الضوء في عينك وينقل تلك الإشارات إلى الدماغ. ويمكن للضوء المباشر والمكثف أن يحرق ثقبًا فيها أو يدمر خلايا الشبكية على الفور تقريبًا.
وعادة ما يكون من المؤلم النظر إلى الشمس ومن الطبيعي أن يحدق البشر أو ينظرون بعيدًا. وحتى بضع ثوان يمكن أن تكون خطرة.
وأثناء الكسوف، يقل ضوء الشمس المرئي ويصبح من الممكن النظر إليه مباشرة دون إزعاج لفترات أطول من الزمن. وقد لا تعرف حتى أنك قد ألحقت الضرر بعينيك حتى اليوم التالي.
والنتيجة هي اعتلال الشبكية الشمسي أو حروق الشبكية. الذي يمكن -بالمناسبة- أن يحدث كذلك عند النظر إلى الشمس مباشرة أو إلى انعكاسات ضوئها الساطع على الثلج أو الماء.