يبدو أن اللبنانيين باتوا مُلزَمين بانتخاب رئيس للجمهورية، وبتشكيل حكومة، وبإعادة هيكلة الحكم في لبنان، وذلك تحت طائلة “الخروج عن الخدمة” بكل ما له علاقة بالبلد، وبحصصه ومستقبله في أي تسوية إقليمية.
قاعدة صلبة
فقد أكد وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه أن لا مكان للبنان على طاولة المفاوضات من دون رئيس للجمهورية، ومن دون حكومة كاملة الصلاحيات، ومن دون مؤسّسات لبنانية قائمة. ولكنّه لفت في المقابل الى أن القرار لبناني في هذا الشأن، وأنه يتوجب على اللبنانيين أن يختاروا رئيسهم. وهذا يُشبه من يحشر 50 مُتخاصِماً على كل شيء وأي شيء في غرفة صغيرة واحدة، ويُلزمهم بأن يتوصّلوا الى اتّفاق على كل شيء خلال دقائق قليلة، تحت طائلة سقوط الغرفة بالجميع، وذلك رغم أن الأكثرية الساحقة منهم تفضّل أسوأ السيناريوهات، وبلوغ السقوط الكبير، على أن يتنازلوا ولو عن 0.1 في المئة من شروطهم.
أفما تشكل مثل تلك الدعوات “المحشورة” سبباً إضافياً لزيادة التفسّخات الداخلية في لبنان، تحت ضغط أحداث وتطورات المنطقة؟ ومن يمكنه أن يوفّر قاعدة صلبة لاتّفاق لبناني – لبناني على خريطة رئاسية وحكومية وسياسية – اقتصادية عامة في البلد؟
تأثير دولي محدود
أكد مصدر سياسي أن “لا قدرة لفرنسا على أن تقوم بهذا الدور. فطموحها الدولي ورغبتها بلعب الأدوار يصطدمان بحَجْم تأثيرها الدولي المحدود. وهذا سبب رئيسي لتعثُّر المبادرات التي يُطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كل الملفات العالمية”.
ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “ضابط الإيقاع الفعلي على المستوى الدولي، عندما يشاء أن يلعب أدواراً معيّنة، هو الطرف الأميركي لا الفرنسي. والأدوار الفرنسية تبقى متواضعة رغم أنها نشيطة ومُبادِرَة بتكرار في كل مكان. ومن نتائج ذلك، أن قدرة تأثير باريس في دفع الأطراف الذين تتعاطى معهم للتجاوب مع مبادراتها، شبه معدومة”.
وأضاف:”رأينا نُسخاً من الأدوار الفرنسية في لبنان، وفي العراق، كما في أوكرانيا، وأفريقيا، وكل مكان. ولكن النتائج لم تَكُن بحسب التطلّعات. وهو ما يُظهر محدودية الديبلوماسية الفرنسية في تأدية الأدوار على المستوى الدولي”.
وختم:”تبادر فرنسا في كل مكان، وهي مشكورة على كل شيء خصوصاً في الملف اللبناني، الذي تتحرّك فيه دائماً بدفع من غيرتها على المصلحة اللبنانية العليا. ولكن القدرة على فرض ما تراه هي مناسباً، أو ما قد يكون مناسباً بالفعل، ليست متوفّرة لديها”.
أنطون الفتى – وكالة “أخبار اليوم”