بطء الاستعدادات وصراعات المدير العام: هل تُلغى الامتحانات الرسمية؟

رغم أن وزير التربية عباس الحلبي أعطى توجيهاته للمسؤولين في الوزارة للاستعداد للامتحانات الرسمية لشهادة الثانوية العامة، وقد بدأت تصدر التعاميم تباعاً حول كيفية تنظيم الأعمال الإدارية، إلا أن هذا لا يعني أن الامتحانات قائمة مئة بالمئة.

الحلبي يتدخّل
ثمة تحديات وثغرات يعمل الحلبي على حلها ومحاولة تجاوزها على المستوى اللوجستي والتقني. لكن إلى حد الساعة ما زالت الاستعدادات بطيئة. فرغم أن مدير عام الوزارة عماد الأشقر هو رئيس اللجان الفاحصة والمسؤول الأول عن الامتحانات، ويفترض أن يصدر التعاميم اللازمة، إلا أنه يتأخر بذلك. وأحد أسباب بطء الاستعدادات هو الخلافات الكثيرة التي حصلت وتحصل بين المدير العام وكل مسؤولي الوحدات والمديريات في الوزارة. لذا، يحاول الحلبي حلها من خلال التدخل شخصياً لتسريع الإجراءات. فقد كان يفترض أن تكون الوزارة قد أجرت العديد من الاستعدادات المتعلقة بالمراقبة وبالتصحيح، والاستعداد التقني المتعلق بالمواد الاختيارية، وغيرها. لكن ما زالت الأمور تسير ببطء شديد، ما يهدد إجراء الامتحانات، تقول مصادر مطلعة لـ”المدن”.

وبعيداً من هذه التفاصيل اللوجستية، إلا أن السبب الرئيسي الذي قد يطيح إجراء الامتحانات هو الحرب في جنوب لبنان. وقد طرح سيناريو عدم إجراء الامتحانات في حال توسعت الحرب في الجنوب. فهل يفرمل الأشقر عجلات الامتحانات تحسباً لهذا السبب؟

لا زيارة لعين التينة
عندما أصدر مدير عام التربية مذكرة الامتحانات حصل خلاف عميق بينه وبين حركة أمل، التي اعتبرت أن المذكرة تهدف إلى عزل الجنوب عن لبنان. وتدخل رئيس المجلس النيابي نبيه بري شخصياً، كما سبق وكشفت “المدن”، ما أدى إلى صدور قرار إجراء امتحان موحد بكل لبنان. ولم تصطلح العلاقة مع حركة أمل رغم توسط مسؤولين حركيين لتنظيم زيارة للأشقر إلى عين التينة. ووفق مصادر “المدن”، ثمة قرار واضح في حركة أمل مفاده أنه لا يمكن لأي مسؤول في وزارة التربية أخذ موعد مع الرئيس برّي، من دون المرور بالمكتب التربوي لحركة أمل. بمعنى آخر، لا يمكن لأي مسؤول في الحركة التدخل في شأن الخلافات مع الأشقر، والطريق الوحيد لأي قضية تربوية هو “المكتب التربوي”. وهذا يعبر عن عمق الخلاف مع الأشقر، ليس بسبب “طعنة الامتحانات الرسمية من دون الجنوب”، بل بسبب ملفات في التعليم الخاص والتأمين الصحي في المدارس الرسمية والخاصة، تدور حولها تسريبات وشائعات في أجواء “حركية”، تدين الأشقر و”حركيين”.

الحديث عن هذه الخلافات مع الأشقر يتزامن مع مداولات حول إمكانية عدم إجراء الامتحانات الرسمية، في حال ازدادت وتيرة الحرب في الجنوب على قاعدة “أن لا امتحانات رسمية من دون الجنوب”. بمعنى آخر، في حال حصلت هدنة عسكرية تجرى الامتحانات بالشكل المقرر. أما في حال عدم التوصل إلى هدنة، وازدادت وتيرة الحرب، فلا يمكن إجراء الامتحانات من دون النبطية وصور والبقاع الغربي وجزين. فالقصف يطال كل هذه المناطق وصولاً إلى البقاع. بمعنى آخر، في ظل الظروف الحالية تجرى الامتحانات وتحدد مراكز لها بعيدة عن المناطق التي تتعرض للقصف. لكن توسع الاستهدافات الإسرائيلية يعيق إجراء الامتحانات.

صراعات الأشقر مع الجميع
والسؤال الذي يطرح هو: هل الضغوط التي تمارس على الأشقر، بعدم تحديد موعد لزيارة عين التينة، هدفها عدم تماديه في إجراء الامتحانات في حال استمرت الحرب؟ أم مجرد توجيه رسالة عتب شديد؟ أم أن الأشقر تباطأ في الاستعدادات في انتظار المعطيات الجديدة؟ فالأشقر يتعرض لضغوط مسيحية أيضاً كانت تطالب بإجراء امتحان موحد في لبنان وامتحان آخر في القرى الحدودية، وستضغط عليه في حال جرت محاولات لعدم إجراء الامتحانات.
من المعروف أن الوزير الحلبي يريد إجراء الامتحانات، ويعمل كل جهده في سبيل ذلك. وعينه على الشهادة الرسمية، التي كلما ضعفت وهبط مستواها، يكون لصالح شهادات المناهج الأجنبية، التي باتت ملجأ غالبية العائلات اللبنانية. ويقال في أروقة وزارة التربية أنه منزعج من بطء الاستعدادات للامتحانات ويخاف من وجود نوايا لـ”تطييرها”. وهو يحاول الاستعانة ببعض الموظفين الذين لديهم خبرة بالامتحانات، لكن علاقتهم بالأشقر غير وطيدة. وقد سبق واشتكى العديد من مسؤولي الوحدات للحلبي من تصرفات الأشقر.

ووفق المصادر، فالأشقر على خلاف حالياً مع المسؤولين في الوزارة المسيحيين والسنّة. وأضيف إليهم حرد جزء كبير من حركة أمل من تصرفاته. في المقابل، يوطد علاقته مع الموظفين الدروز لعدم تعميق الخلاف مع الوزير الحلبي، الذي يتنظر اليوم الذي يعود فيه مدير عام التربية بالأصالة فادي يرق من الخارج، بعد انتهاء إجازة الاستيداع في شهر شباط المقبل.