لا يزال القطاع المالي والمصرفي ينتظر من الحكومة الإيفاء بوعدها بوضع خطة إنقاذية تعبّد الطريق أمام المصارف لإعادة رسملتها وهيكلتها تمهيداً للانطلاق من جديد بما يصبّ في صالح المودِعين والاقتصاد الوطني على السواء… لكن حتى الساعة لا يزال يترقّب هذا الاستحقاق الحكومي ويشخص إلى مجلس النواب علّه يتصاعد الدخان الأبيض منه إيذاناً بقانون الـ”كابيتال كونترول” وغيره…
في الغضون، لم يتوقف الكلام يبن الحين والآخر عن سعي بعض الجهات إلى إدخال مصارف أجنبية جديدة إلى الوسط المصرفي اللبناني التزاماً بطلب صندوق النقد الدولي، معزَّزاً بكلام آخر عن التحضير لعمليات دمج ما بين المصارف المحلية. حتى بلغ حدّ الحديث عن صفقة شراء مصرف من قِبَل أحد المصارف الخمس الأولى…
معلومات سرّبتها جهات سياسية “لغايةٍ في نفس يعقوب”، الأمر الذي تنفيه أوساط المصرف الكبير عبر “المركزية”، مؤكدة أن “لا كلام حالياً عن عمليات بيع وشراء في القطاع المصرفي قبل وضع خطة اقتصادية مالية إصلاحية إنقاذية، وإعادة رسملة المصارف واعتراف الدولة بديونها للقطاع المصرفي. عندئذٍ ننطلق بخطوة دمج المصارف”.
في السياق ذاته، يستغرب مصدر مالي الحديث عن “دمج مصرفي” ويقول لـ”المركزية”: في قاعدة الدمج، يتم دمج مصرف ضعيف بآخر قوي. لكن في ظل الواقع القائم اليوم فالمصارف كافة ضعيفة وتئنّ من ثقل الأزمة التي لم تَجهد الدولة حتى الآن لإيجاد حلّ عادل جذري لها… وبالتالي لا يوجد مصرف واحد يتمتع بالملاءة المطلوبة لشراء مصرف آخر متعثّر. كما أن الحوافز التي من المفترض أن يقدّمها مصرف لبنان في حالات الدمج، غير متوفرة اليوم، إذ إن احتياطي مصرف لبنان قد لا يكفي لدعم استقرار سوق القطع.
ويُضيف: بالكاد يستطيع كل مصرف على حدة أن يعالج أزمته المالية الداخلية تفادياً لأي تعثّر، فكيف به يضمّ “مَصيبة” المصرف الآخر إلى “همّه” اليومي؟!
في المقلب الآخر، لا يزال ملف الدعاوى القضائية المقدَّمة في الخارج والداخل ضدّ المصارف اللبنانية، في الواجهة ومحطّ تحفّظ مصرفي توجّساً من “تجفيف أموال المصارف”، ولا سيما المستجدّ من هذه الدعاوى عبر تسطير حكم قضائي بإلزام مصرف “فرنسبنك” “دفع كامل قيمة وديعة أحد المدَّعين بالدولار نقداً”، علماً أن هذا القرار لا يزال بدائياً وهو قابل للاستئناف.
هنا، يتمنى المصدر المالي “عدم إدخال هذا الموضوع في نفق الشعبوية الطويل من دون أي طائل”، ويقول “آن الأوان لبعض الجهات القضائية أن تقتنع بأن إعطاء أي مصرف مودِعاً واحداً وديعته كاملة، يكون بذلك يقطع الطريق على المودِعين الآخرين وحرمانهم من حصولهم على الأموال المستحقة لهم وفق التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان… فهذا أمر غير عادل إطلاقاً”.
من تسريبات الدمج إلى الدعاوى القضائية… سلاح يُشهر بين الفينة والأخرى في وجه المصارف التفافاً على مناداتها الدائمة بحماية أموال المودِعين عبر تحمّل الدولة مسؤوليّتها في موضوع الخسائر، علّها تبحث عن حل يعالج هذا الجرح النازف… ولكن أين الدولة وأين مودِعوها؟!
المصدر: ميريام بلعة – المركزية