مما لا شك فيه، ان تطبيق القوانين في لبنان أصبح امرا ضروريا للحدّ من المخالفات والتجاوزات التي تتزايد بشكل كبير ومثير للقلق، لكن من الظلم ان يشمل القانون فئة دون أخرى. وليس خافيا على أحد ان اللبنانيين غير مسؤولين عن تعطيل مصلحة تسجيل السيارات لنحو عام ونصف العام، ليعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي فجأة عن فتح أبواب “النافعة” أيام السبت والأحد امام المواطنين، لإجراء المقتضى بغية إنجاز معاملاتهم المتعلقة بفك حجز جميع أنواع المركبات والدراجات.
المواطن كبش “محرقة”
في موازاة ذلك، وأثر اغلاق النافعة في العديد من الجوانب الاقتصادية والإدارية في البلد، لأنها مسؤولة عن إدارة وتسجيل المركبات، وإصدار التراخيص والفحص الفني، وتحصيل الغرامات المتعلقة بالميكانيك، وهي جزء أساسي من البنية التحتية الإدارية للدولة.
وفي هذا الخصوص، اعتبرت مصادر سياسية متابعة لهذا الملف ان اقفال الهيئة كان له انعكاسات سلبية مباشرة على خزينة الدولة، لاعتمادها على جباية الضرائب التي تجمع من المواطنين عند تسجيل المركبات ودفع الغرامات والضرائب، وتسكيرها الذي استمر حوالي السنتين اوقف هذا التدفق النقدي، وزاد الضغط على المالية العامة”.
وقالت المصادر لـ “الديار”: “تطبيق الخطة الأمنية الحالية يظلم شريحة واسعة من اللبنانيين مثل العمال والعسكريين، لأنها لم تضع حدا للسارقين والمجرمين الذين يشكلون خطرا في الأساس على السلامة العامة”. وأضافت “ربما لم يكن المواطنون قادرين على تسجيل مركباتهم أو تسديد رسوم الميكانيك، بسبب الازمة الاقتصادية ودولرة الضرائب ومضاعفتها، لكن إنجاز المعاملات الضرورية تعطل لأكثر من شهرين متتاليين بسبب “انكريبت” وفقدان الطوابع ودفاتر السوق واللوحات وغيرها من الأمور”.
وأوضحت المصادر “ان الدولة التي كانت تستقبل المواطنين يومين في الأسبوع، شرّعت على حين غرّة أبوابها يومي السبت والأحد استثنائيا، مما يعني ان انجاز المعاملات في الأيام المتبقية كان ممكنا. وهذا يؤكد ان الحملة على “الموتسيكلات” هي لجباية الضرائب لا لتطبيق القوانين”.
حملة ضريبية!
وكشفت المصادر عن “ان المواطن لا يستطيع تسجيل دراجته بمفرده دون الاستعانة بسمسار، اذ ان الأخير يتقاضى بدل اتعابه مقابل كل تسجيل مبلغا يتراوح بين 150 و200 دولار، ويقبض 12 مليون ليرة لبنانية كرسوم للدولة. وأشارت الى ان التسديد الذي يتم عبر شركة “Whish money” يظهر ان المواطن يستلم في النهاية وصلا بقيمة 4 ملايين ليرة لبنانية فقط”.
وتابعت المصادر: “بالإضافة الى كل ما ذكرت لا توجد لوحات جديدة وتلك القديمة يطالها الحجز، ومنذ حوالي الشهرين تم الإعلان عن تأمين نمر جديدة بكميات محدودة لكنها بِيْعت سوقا سوداء، اذ وصل سعر النمرة الى 10 دولارات، بينما سعرها الحقيقي بحسب تسعيرة الدولة 5 دولارات او 750 ألف ليرة لبنانية”.
رزق المواطن ينتهي في حفرة
وأشارت المصادر الى “ان قوى الامن التي تصادر “الموتوسيكل” عنوة من امام المحلات و”السوبرماركات” والمطاعم والطرقات، ترميه في نهاية اليوم الأمني في بؤرة، والمطلوب من مالكه دفع بدل Parking ثلاثة ملايين ليرة لبنانية و100 دولار اجرة البلاطة. هذا عدا عن الغرامات والجِزى التي يدفعها، وعندما يسترجعه بعد تسوية أوضاعه يجده بأسوأ حالاته”. معتبرا ان “توقيت الخطة الأمنية خاطئ، لان فئة واسعة تستخدمه في هذه الظروف الصعبة بغية توفير البنزين واجرة “السرفيس”، التي باتت مكلفة جدا وتتجاوز الـ 400 ألف”.
ولفتت الى ان “مصلحة الآليات لا تفصح عن قيمة الجباية الضريبية المتوجبة على الفرد، سواء مقابل سيارة او دراجة نارية، كذلك الامر بالنسبة الى السمسار الذي يأبى التصريح عن المبلغ الذي يأخذه، وعندما يبدأ المواطن بالإجراءات يعلق بسنارة الوسيط”.
السطو مستمر
واضافت المصادر “على المقلب الاخر، لا تزال اعمال اللصوصية قائمة، فقد تمت سرقة دراجة نارية مركونة على الطريق العام بتاريخ 19 أيار الحالي ظهرا، وبيّنت كاميرات المراقبة ان السارق نفسه سلب اخرى من امام “سوبرماركت فهد” في منطقة المطيلب. وكشفت عن ان سائق البلاطة سوري الجنسية، يعاونه فتى صغير يبلغ من العمر 10 سنوات، مما يعني ان الدولة تخالف القوانين”.
السلامة العامة بخطر!
وفي الإطار، لا يختلف اثنان على وجوب احترام التشريعات المحلية ومعاقبة المخلّين بها، لكن ماذا عن باصات النقل العام التي تعمل على خط بيروت والبقاع والشمال وجميعها مخالفة؟
كسر ميكانيك ونمرة بيضاء!
وفي هذا المجال، أكد أحد الموظفين في مصلحة تسجيل السيارات في الاوزاعي لـ “الديار” ان “جميع الباصات في منطقة الشويفات عائدة لسوريين ينافسون السائقين اللبنانيين على هذا الخط الحيوي، واكثرية المركبات تعاني من مشكلات قانونية وفنية متعددة، ولها تداعيات على الامن والنظام والاقتصاد”.
وأوضح “ان الباصات التي تعاني من كسر ميكانيك ومخالفات السير وغير مطابقة للمواصفات والمقاييس الخاصة بالسلامة المرورية، تشكل خطرا كبيرا على الركاب، حيث يمكن أن تتعرض لحوادث مفاجئة بسبب عدم اجراء اعمال الصيانة الدورية بشكل جيد. أيضا استخدام المازوت بدلاً من البنزين مخالف للقانون، ويزيد من انبعاثات الملوثات الهوائية، ويؤثر سلبا في جودة الهواء والصحة العامة”.
وأردف “تشغيل باصات بنمرة خصوصية بدلاً من تلك العمومية المخصصة للنقل العام، يعد انتهاكا للقوانين المرورية والإدارية. وممارسة العمال الأجانب أي مهنة دون تراخيص يعارض قوانين العمل والهجرة، ويقلل من الإيرادات التي يمكن أن تحصل عليها الدولة من قطاع النقل العام، وهذا التوظيف يثقل كواهل المواطنين الأصليين بضرائب مضاعفة”.
بالموازاة، قال اللبناني امين العبد، وهو سائق يعمل على خط الشويفات – عرمون لـ “الديار”: “يوجد أكثر من 400 باص مخصص للنقل العام غير شرعي على خط الشويفات – عرمون، ويملك النازحون السوريون عددا كبيرا من الحافلات، وهؤلاء محميين من قبل أحزاب في المنطقة. وفوق ذلك، يغيرون اتجاهاتهم في حال صادفوا حاجزا للدرك، وظروفهم المعيشية أفضل بكثير من اوضاعنا الحياتية”.
ندى عبد الرزاق – الديار