بين كلام بري وتشبّث صندوق النقد.. هل من أمل في استعادة الودائع؟!
بين كلام بري وتشبّث صندوق النقد.. هل من أمل في استعادة الودائع؟!
“المدخل لإعادة الثقة بالقطاع المصرفي والنظام المالي العام في لبنان، يكون بضمان إعادة الودائع كاملة لأصحابها مهما تطلّب ذلك من وقت”… الكلام لرئيس مجلس النواب نبيه برّي في معرض اعتراضه على أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي “لا يأخذ مصلحة المودِعين في الاعتبار”.
هل وجد كلام برّي آذاناً صاغية لدى وفد صندوق النقد الذي يزور لبنان راهناً؟ أم سيبقى الوضع المالي والاقتصادي القائم رهن التضاد الذي يقع فيه الجانبان: الدولة اللبنانية والصندوق؟!
في السياق، يذكّر مصدر مالي عبر “المركزية” بـ”وصفة” صندوق النقد لحل أزمة لبنان المالية “والقاضية بعدم إلزام الدولة بأي مسؤولية في تسديد أموال المودِعين، ولا حتى مصرف لبنان بذلك… هنا تكمن الغرائب! فيما الجانب اللبناني الذي يفاوض صندوق النقد فيتمثل بأشخاص غير معنيين بالملف، مع الإقرار بمناقبيّتهم وصدقيّتهم”.
وهنا يسأل المصدر “هل تشاور المفاوضون اللبنانيون مع مصرف لبنان وجمعية المصارف؟ هل يأخذون اليوم في رأي هذين الطرفين المعنيَين مباشرةً بالملف؟ إذ لا حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري اطّلع على الخطة التي يُعدّونها، ولا لجنة الرقابة على المصارف ولا حتى جمعية المصارف… مع مَن حضّر أو يحضّر الجانب الرسمي اللبناني الخطة الجديدة التي يتحدّث عنها؟ فهل يضع بمفرده خطة لمعالجة وضع القطاع المصرفي من دون الأخذ برأي أصحاب الشأن؟! كيف صيغت أو تُصاغ هذه الخطة من دون عقد اجتماع واحد مع جمعية المصارف؟! كما أن مصرف لبنان سبق وأعلن أنه لم يتلقَ أي مراجعة أو استشارة أو سؤال في شأن هذه الخطة!”.
وإذ يقرّ بـ”كارثية” الحل المطروح من قِبَل صندوق النقد، يسأل المصدر المالي “هل يجوز الانطلاق بعملية الإصلاح من القطاع المصرفي والتغاضي عن القيام بالإصلاحات المطلوبة في مؤسسات وإدارات الدولة والتي تشكّل الشرط الأول من شروط صندوق النقد؟! هل تصطلح البلاد بإصلاح القطاع المصرفي فقط دون سواه؟! مع التشكيك في جدوى “إعادة هيكلة المصارف” كما هي مطروحة حالياً… إذ لا يوجد ما يُسمّى بـ”رسملة المصارف” فالأخيرة ليست مُفلِسة وبالتالي ليست متوقفة عن الدَفع، إنما أموالها عالقة في مصرف لبنان… فالسيولة تتأمَن من المصارف المركزية كما هو متعارَف عليه عالمياً”.
ويتابع: من هنا، فالرئيس برّي مُحِق في كلامه لوفد صندوق النقد، لأنه في نهاية الأمر لا بدّ من حل لهذه المعضلة، خصوصاً أن الصندوق يتمسّك برفع المسؤولية عن الدولة في تسديد أموال المودِعين، فيما يوصي بأن تدفع المصارف الأموال التي لديها وبأن تطبّق سياسة الـ”هيركات” على الودائع. والمؤسف في الأمر أن الصندوق يعتبر أن هذا الحل الذي يطرحه، يُعيد الثقة إلى القطاع المصرفي! ويغفل أن أصحاب الودائع البالغة 100 ألف دولار ليسوا هم مَن يؤمِّنون استمرارية المصارف ويعزّزون نشاطها وأعمالها… بينما أصحاب الودائع المقدَّرة بملايين الدولارات، قد فقدوا ثقتهم بالقطاع المصرفي ولن يودِعوا فيها قرشاً واحداً بعد اليوم! فمفهوم الصندوق لعامل “الثقة” هو “التسليف” وليس “الودائع”… للأسف.
ولم يُخفِ المصدر استغرابه الكلام عن أن “توقيع لبنان الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي، سيشجّع الدول العربية والأجنبية على إقراض لبنان!”، ويقول: هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق… فالقرار الدولي بدعم لبنان مالياً، سياسي بامتياز وبالتالي لا ينتظر توقيع صندوق النقد. وعلى سبيل المثال لا الحصر لقد أقرضت المملكة العربية السعودية مصر بمبلغ يفوق قرض صندوق النقد بعشرات الأضعاف.
…في ضوء كل ذلك، من الضروري والمُلحّ، بحسب المصدر:
– إقرار قانون الـ”كابيتال كونترول”، إذ آن الأون لاقتناع السلطة اللبنانية بأهمية المضي به من أجل انتظام الوضع المصرفي، إذ إن هذا القانون يُزيل الضغوط في تحويل الأموال إلى الخارج، ويوقف الدعاوى داخل لبنان وتلك المقامة في الخارج ضدّ المصارف اللبنانية والتي تحصل على حصّة الأسد من الودائع، وهذا غير عادل على الإطلاق.
– إعلان الدولة اللبنانية التزامها بِرَدّ الودائع ولو على مدى سنوات…
ويغمز المصدر من قناة “التخطيط المتعمَّد لإفلاس لبنان وتوريطه في الاستدانة، لوضع اليد على ثروته الغازية والنفطية في المستقبل”.
إن الخشية اليوم كما في الأمس، ليس من أن تضيع ثروة لبنان الغازية والنفطية فحسب، بل أيضاً من القضاء على ما تبقى من القطاع المصرفي ومن مقوّمات الاقتصاد… فالقضاء على البلد.