قدَّرَ البنك الدولي حجم تحويلات المغتربين الوافدة إلى لبنان بـ 6.0 مليارات د.أ. في العام 2023 (مقارنةً بـ6.4 مليارات د.أ. في العام 2022)، ليحلّ بذلك لبنان في المركز الثالث إقليميّاً مسبوقاً فقط من مصر (19.5 مليار د.أ.) والمغرب (11.8 مليار د.أ.). إضافةً إلى ذلك، ودائماً بحسب تقديرات البنك الدولي، فقد تَبَوَّأَ لبنان المركز الأوّل في المنطقة والمرتبة الثالثة عالميّاً من حيث مساهمة تحويلات المغتربين في الناتج المحلّي الإجمالي، والتي بلغت 30.7% في العام 2023 (35.7% في العام 2022)، متبوعاً من الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة (18.8% في العام 2023) والأردن (8.9% في العام 2023).
وقد أضاف البنك الدولي بأنّ متوسّط كلفة التحويلات الوافدة إلى لبنان من بلدان ذات دخل مرتفع من ضمن دول منظَّمة التعاون الإقتصادي والتنمية لا يزال عالياً جدّاً، بحيث برز لبنان في 2 ضمن أغلى 5 ممرّات لتحويل الأموال، فماذا تعني هذه الأرقام بالنسبة إلى الإقتصاد اللبناني؟
في هذا الإطار, يوضح الباحث في الشؤون الإقتصادية دكتور محمود جباعي في حديث إلى “ليبانون ديبايت” أنه “كالعادة دائما فإن أرقام التحويلات الخارجية إلى لبنان من قبل المغتربين هي الأعلى ضمن المنطقة، كما أنه إذا قارنها بحجم عدد سكان لبنان فهي قد تعتبر من الأعلى عالميا وذلك مقارنة بين عدد سكان لبنان وعدد المغتربين ليكون الرقم مرتفعاً جداً، ودائما ما تفوق التحويلات الـ 6 مليار دولار وتتراوح ما بين الـ 6 و7 مليار تقريبا ما بين عام وآخر”.
ويلفت إلى أن “هذا الرقم رقم ثابت منذ فترة طويلة ويعتبر جزء أساسي في رفد الإقتصاد اللبناني من خلال هذه التحويلات التي تساهم في إعادة النشاط الإقتصادي الفعال إلى البلد وكذلك النشاط الإستهلاكي والإستثماري أيضا، كما أنها تساهم في دعم وإستفادة أكثر من حوالي 230 ألف عائلة شهرياً لكن بنسب متفاوتة، إلا أن هذا الرقم كمجموع هو ذو أهمية بالغة على إعتبار أنه ساهم بتخفيف الى حد كبير من حدة الأزمة التي ضربت لبنان كما أنه ساهم بإعادة نهوض القطاع الخاص وكذلك ساعد بصمود اللبنانيين”.
وعدا عن هذا المبلغ، يشير جباعي إلى أنه “هناك أرقاماً أخرى يستفيد منها لبنان من المغتربين وهي عبر قدومهم إلى البلد بشكل شخصي إما خلال المواسم السياحية أو خلال زيارات عائلية كما أنه يرجح أن المبلغ التي يقدومونه إلى ذويهم أو الذي يقومون بصرفه قد يفوق 2 مليار دولار ونصف سنويا، فهذا الرقم بالإمكان إضافته إلى المبلغ السابق، إذا فإن الرقم الخارجي الذي يدخل إلى لبنان يتراوح ما بين و8 و9 ونصف مليار دولار سنويا”.
ويعتبر جباعي أن “ذلك يشكّل أساساً هاماً للإنطلاق بالإقتصاد اللبناني وتحسين الأوضاع الإجتماعية للمواطنين اللبنانيين”، وهو رافد أساسي يساهم بخروج لبنان من الأزمة كما يساهم أيضا بخلق جو إقتصادي مقبول نوعا ما في البلد”.
ويقول: “أن الإقتصاد اللبناني يعاود نوعا ما إستعادة عافيته بفضل مساهمة هذه التحويلات وأيضا بفضل الهيئات الإقتصادية والقطاع الخاص التي تحاول دائما أن يكون لها دور فعّال بتنشيط الإقتصاد والناتج المحلي ومحاولة تأمين فرص عمل.
وينبّه إلى أن التحسن الذي حصل بالمدخول وحتى في مداخيل القطاع الخاص والإستثمار فيه ساهمت نوعا ما بتحقيق أرقام إقتصادية أفضل من السابق، وبفضل هذه التحويلات وبفضل تحسين الدولة الموازنة ولو قليلا وبفضل التحسن بالدفعات والقطاع الخاص والإستثمار والمحفظة الإستثمارية التي إرتفعت إلى 3.6 مليار دولار، كل هذه العوامل ساهمت في نهاية عام 2022 بتحقيق فائض بميزان المدفوعات بأكثر من ملياري دولار.
ويرى أن كافة هذه العوامل حققت نتيجة إيجابية وصدمة إيجابية، إضافة إلى القطاع السياحي النشط جدا فاليوم ورغم أجواء الحرب التي نمر بها فالسياحة اللبنانية أثبتت مدى فعاليتها ومدى تعلّق المغترب اللبناني ببلده إذا فكل هذه الحركة الإقتصادية والرقمية والمالية تساهم في الحفاظ على نوع من الإستقرارالاقتصادي في البلد.
ويأمل جباعي في ختام حديثه، أن “يتطور وتقوم الحكومة بخطة تعافِ إقتصادي شاملة، وتستغل هذا الأمر من أجل النهوض المطلق سواء كان إقتصاديا أو ما يخص الأزمة المصرفية والمودعين”.
ليبانون ديبايت